وبناء على
هذا عاب الذهبي المنهج الذي اعتمده ابن الجوزي في كتابه
(الضعفاء والمتروكين)، والذي كان يورد الجرح في الراوي ولا يورد التعديل، ومن
الأمثلة على ذلك اعتراضه عليه في ترجمته لأبان بن يزيد العطار إذ قال: (وقد أورده
العلامة أبو الفرج ابن الجوزي في الضعفاء ولم يذكر فيه أقوال من وثّقه، وهذا من
عيوب كتابه، يسرد الجرح ويسكت عن التوثيق)[2]
وبناء على
هذا نجد المحدثين يقعون في تناقضات كثيرة في أحكامهم على الأحاديث بسبب تغليب
الذاتية، وكون علم الحديث أدة طيعة لتحقيق الذاتية.
ثالثا ـ الذاتية في تحديد علل الحديث:
لم يكتف
المحدثون بما وضعوه من قواعد تتعلق بالسند تخول لهم التحكم في الأحاديث قبولا
ورفضا، بل أضافوا إلى ذلك قاعدة أخرى، وهي أنه ليس كل ما صح سنده صح متنه، أو كما
عبر ابن القيم، فقال: (وقد علم أن صحة الإسناد شرط من شروط صحة الحديث وليست موجبة
لصحته فإن الحديث إنما يصح بمجموع أمور منها صحة سنده وانتفاء علته وعدم شذوذه
ونكارته وأن لا يكون روايه قد خالف الثقات أو شذ عنهم)[3]
وهي قاعدة
مهمة لو أحسنوا تطبيقها، فاعتبروا العلة مخالفة الحديث للقرآن الكريم، أو للمتواتر
المشهور من السنة، أو لما اتفق عليه العقلاء، أو أن الحديث يحتاج إلى نقل كثير
باعتباره مما تعم به البلوى.
[1]
ظفر بن أحمد التهانوي (قواعد في علوم الحديث ص 281)
[2]
الذهبي محمد بن أحمد (ميزان الإعتدال في نقد الرجال 1/16)