نام کتاب : شيخ الإسلام في قفص الاتهام نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 101
حقيقة، فيكتب
عليها على صورة الجواب، ويذكر مالا ينتقد عليه، وفي بعضها ما يمكن أن ينتقد إلا
أنه يشير إليه على وجه التلبيس بحيث لا يقف على مراده إلاّ حاذق عالم مفنن، فإذا
ناظر أمكنه أن يقطع من ناظره إلا ذلك المفنن الفطن.. ثم مع ذلك شرع يتلقى الناس
بالأنس وبسط الوجه ولين الكلام، ويذكر أشياء تحْلوا للنفس لا سيما الألفاظ العذبة
مع اشتمالها على الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة.. فطلبوا منه أن يُذكَّر الناس
ففعل فطار ذكره بالعلم والتعبد والتعفف، ففزع الناس إليه بالأسئلة، فكان إذا جاءه
أحد يسأله عن مسألة قال له: عاودني فيها، فإذا جاءه قال: هذه مسألة مشكلة، ولكن لك
عندي مخرج أقوله لك بشرط فإني أتقلدها في عنقي، فيقول: أنا أوفي لك، فيقول: أن
تكتم علي، فيعطيه العهود والمواثيق على ذلك فيفتيه بما فيه فرجه، حتى صار له بذلك
أتباع كثيرة يقومون في نصرته أن لو عرض له عارض.. ثم إنه علم أن ذلك لا يخلصه،
فكان إذا كان في بعض المجالس قال: إنا لله وإنا إليه راجعون قد انفتق فتوق من
أنواع المفاسد يبعد ارتـتاقها، ولو كان لي حكم لكنت أجعل فلاناً وزيراً
وفلاناً محتسباً وفلاناً دويداراً وفلاناً أمير البلد. فيسمع أولئك وفي قلوبهم من
تلك المناصب فكانوا يقومون في نصرته.. ثم اعلم أن مثل هؤلاء لا يقدرون على مقاومة
العلماء إذا قاموا في نحره فجعل له مخلصاً منهم بأن ينظر إلى من الأمر إليه في ذلك
المجلس، فيقول له ما عقيدة إمامك؟ فإذا قال: كذا وكذا قال: أشهد أنها حق، وأنا
مخطيء، واشهدوا أني على عقيدة إمامك وهذا كان سبب عدم إراقة دمه، فإذا انفض المجلس
أشاع أتباعه أن الحق في جهته ومعه، وأنه قطع الجميع، ألا تروه كيف خرج سالماً؟
حتى حصل بسبب ذلك افتتان خلق كثير، لا سيما من العوام، فلما تكرر ذلك منه
علموا أنه إنما يفعل ذلك خديعة ومكراً، فكانوا مع قوله ذلك يسجنونه،
ولم يزل ينتقل من سجن إلى سجن حتى أهلكه الله عز وجل
نام کتاب : شيخ الإسلام في قفص الاتهام نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 101