فإن هؤلاء
وحدهم، ولكسلهم عن أداء الأوراد، ولكبرهم وغرورهم وتصورهم أن الحق حكر لهم، وأن
السنة لهم وحدهم دون غيرهم.. راحوا يبدعون هؤلاء جميعا ويضللونهم، ويتصورون أن كل
تلك الأذكار والدعوات والصلوات في النار، لأنها بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في
النار.
ومن العجب أن
يصبح الاستغفار والتهليل والتكبير والمناجاة وتعظيم الأشهر الحرم بدعة وضلالة..
بينما يصبح الصد عن سبيل الله وعن ذكره وعن التنافس في ذلك سنة وهداية.
وهم يوردون
لهذا قول ابن حجر: (لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه ، ولا في صيام شيء منه
معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه.. حديث صحيح يصلح للحجة، وقد سبقني إلى الجزم
بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ، رويناه عنه بإسناد صحيح، وكذلك رويناه عن
غيره)[1]
وهذا وأمثاله
من الحجب التي تحول بينهم وبين التنافس في الخيرات.. ولو أنهم أعملوا عقولهم،
وعلموا أن هذا الشهر من الأشهر المحرمة التي اتفقت الأمة جميعا على فضلها، وفضل
العمل الصالح فيها، لاكتفوا بذلك.. ولتركوا لكل فصيل من فصائل الأمة الحق في أن
يمارس ما يراه مناسبا من إكرام هذا الشهر والتقرب إلى الله فيه.
ولو أنهم
تواضعوا أكثر لقبلوا تلك الروايات الكثيرة التي يرويها الشيعة والصوفية في فضل هذا
الشهر، وفضل الأعمال الصالحة فيه.. لكنهم يطبقون على كذب الصوفية وكذب الشيعة في
نفس الوقت الذي يقبلون فيه كل الهرطقات والخرافات التي يرويها كعب الأحبار ووهب بن
منبه ومن تتلمذ عليهم من سلفهم الصالح.
[1]
تبيين العجب فيما ورد في فضل رجب ، لابن حجر ، ص6 ، وانظر: السنن والمبتدعات
للشقيري ، ص125.