وكمثال على
ذلك أدعية الإمام السجاد الكثيرة، والتي لا يزال الشيعة يرددونها، بينما يغفل عنها
أهل السنة مع اعترافهم بفضل السجاد ومكانته وكثرة عبادته وطاعته.. ولكنهم ـ للأسف
ـ يكتفون بذلك، ويتوقفون عنده، ولا يسألون عن تراثه العرفاني العظيم، والمتمثل في
تلك الأدعية التي هي امتداد للقرآن والنبوة والطهارة.
وكنموذج على
ذلك ـ لا نجد له نظيرا في كل التراث السني ـ ما يسمى بالمناجيات[1] الخمسة عشر، وهي مناجيات تشمل معاني
مختلفة مصنفة إلى خمسة عشر صنفا[2] ..
أولها مناجاة
التائبين.. وهي مناجاة تبدأ بهذا المقطع الجميل الذي يملأ النفس بجميع معاني
العبودية والخضوع لله، وكأنها تعلم التائب كيف يقف بين يدي ربه متضرعا معترفا
منبيا: (إلهي ألبستني الخطايا ثوب مذلتي وجللني التباعد منك لباس مسكنتي وأمات
قلبي عظيم جنايتي فأحيه بتوبة منك يا أملي وبغيتي وياسؤلي ومنيتي ، فوعزتك ماأجد
لذنوبي سواك غافرا ولا أرى لكسري غيرك جابرا وقد خضعت بالإنابة إليك وعنوت بالاستكانة
لديك ، فإن طردتني من بابك فبمن ألوذ وإن رددتني عن جنابك فبمن أعوذ ، فوا أسفاه
من خجلتي وافتضاحي ووالهفاه من سوء عملي واجتراحي)[3]
وثانيها
مناجاة الشاكين، وهي مناجاة يتوجه فيها العبد إلى الله تعالى شاكيا إليه أعداءه
الذين يحولون بينه وبين التوجه إليه، وأولهم النفس الأمارة بالسوء، يقول السجاد في
مناجاته: (إلهي إليك أشكو نفسا بالسوء أمارة وإلى
الخطيئة مبادرة وبمعاصيك مولعة ولسخطك متعرضة ، تسلك بي مسالك المهالك وتجعلني
[1]
جمع مُنَاجَاة : مُنَاجَيَات، بقلب الألف إلى أصلها الياء، وذلك مثل: [مباراة
ومباريات]
[2]
ربما يكون الذي قام بذلك المؤلفون والمصنفون لا الإمام السجاد نفسه.