فالإمام علي
مثلا ـ كما تنص على ذلك جميع مصادر الشيعة ـ لم يخرق صف الوحدة الإسلامية، ولم
يستجب لأولئك المحرضين الذين استغلوا الوضع القائم بعد وفاة رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، ليحدثوا من خلاله فتنة في الأمة لم يطيقوا
إحداثها في حياته، وقد ورد في المصادر المعتبرة للفريقين أن أبا سفيان جاء إلى
الإمام علي، وهو يصيح: (إني لأرى عجاجة لا يطفئها إلا الدم، يا آل عبد مناف فيم
أبو بكر من أموركم؟ أين المستضعفان ؟ أين الأذلان علي والعباس؟ ما بال هذا الأمر
في أقل حي من قريش؟) ثم قال لعلي: (ابسط يدك أبايعك، فوالله لئن شئت لأملأنها عليه
خيلا ورجلا فزجره علي وقال : (والله إنك ما أردت بهذا إلا الفتنة وإنك والله طالما
بغيت للإسلام شرا لا حاجة لنا في نصيحتك)[1]
بل نراه ينص
على ذلك بصراحة في بعض خطبه في نهج البلاغة، ففيها: (والله لأسلمن ما سلمت أمور
المسلمين ولم يكن فيها جور إلا علي خاصة التماسا لأجر ذلك وفضله وزهدا فيما
تنافستموه من زخرفه وزبرجه)[2]
ولم يكتف
الإمام علي ـ بحسب ما تنص عليه المصادر الشيعية المعتبرة ـ بالبيعة التي تحفظ وحدة
الأمة فقط، بل ضم إليها العمل الإيجابي لخدمة الأمة في جميع المجالات، وقد قال
معبرا عن ذلك: (فما راعني إلا انثيال الناس على فلان يبايعونه، فأمسكت يدي حتى رأيت
راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام، يدعون إلى محق دين محمد ، فخشيت إن لم أنصر
الإسلام وأهله، أن أرى فيه ثلما أو هدما، تكون المصيبة به علي أعظم من فوت
ولايتكم)[3]