وكان الإمام
علي يتعامل في ذلك الوضع بكل ما تقتضيه النصيحة من أعمال، فكان مع الخلفاء ومع
الأمة، يحضر المسجد، ويشارك في صلاة الجماعة، ويستشار، فيعطي رأيه، ويساعد الخلفاء
في مواقف كثيرة.
بل ورد في
الروايات الكثيرة أنه استشير في أكثر من تسعين مسألة من المسائل العسكرية
والاقتصادية والسياسية والدينية من طرف الخلفاء من بعده، وخاصة الخليفة الثاني،
فأشار فيها الإمام علي، وقبل الخليفة رأيه، ونفذه[1].
ولو لم يأنس
الخلفاء منه النصيحة والإخلاص والصدق لما استشاروه، وذلك خلافا لما يذهب إليه دعاة
التشيع البدعي من أنه مارس كل ذلك تقية، ولم يمارسه صادقا ولا مخلصا.. ومعاذ الله
أن يقضي الإمام علي ذلك الشطر المحترم من عمره، وهو يضمر خلاف ما يظهر.
وهكذا كان
موقفه حينما طلب منه العباس أن لا يدخل في الشورى التي عيّنها عمر فقال: (إني أكره
الخلاف)[2]
بل إن الإمام
علي كان من السعاة إلى درء الفتنة التي حصلت بين الخليفة الثالث والمعارضين له،
حيث أصبح وسيطاً بين الطرفين لإخماد الفتنة، ونصح المعارضين بعدم قطع الماء عنه في
وقت الحصار، فلم يستجيبوا له، فبعث إليه ثلاث قرب مملوءة بالماء[3].
وبعث عثمان
إليه فأتاه، فتعلّق به المعارضون ومنعوه، فحلّ عمامة سوداء على رأسه ورماها داخل
البيت ليعلمه وقال: (اللهمّ لا أرضى قتله، والله لا أرضى قتله)،
[1]
انظر التفاصيل المرتبطة بذلك في كتاب: [علي والخلفاء] لنجم الدين العسكري.