الأمة ـ كما اتفق عليه الفريقان ـ هو
ظهور هذا الإمام، وهم موقنون بهذا الفرج، لأنهم يرون حياة صاحبه، ولهذا إذا أصاب
الشيعي أي مكروه، أو رأى أي انحراف، لا يحزن ولا يتألم لأنه يعلم أن الفرج قريب،
وأن إمامه حاضر، وأنه لا يفصله عن تحقيق مشروعه إلا بعض الزمن القصير.. أما السني
فلا يجد لتفريج كربه أي أمل.. لأن الذين رسموا له نهاية التاريخ رسموها بصورة
مشؤومة ممتلئة بالكآبة والإحباط، فأيام المهدي أيام معدودة، ومشروعه ليس سوى فلتة
من الزمن، لا علاقة لها بالماضي، ولا بالمستقبل.
هذه خلاصة الفروق بين مهدي السنة ومهدي
الشيعة، ولهذا استطاع الشيعة أن يشكلوا مشروعهم الكبير، وأن يتمدد مشروعهم في
العالم أجمع.. بينما وقف السنة ضاحكين ساخرين.. ولكن بلا مشروع، ولا هوية، ولا
مجرد بصيص من الأمل يحققون به ما يحلمون به من نصر الله.
فلذلك هم يحتاجون إلى القيام بتعديلات
جوهرية حول النظر لمهديهم، ويخرجوه من سراديب الغفلة والنسيان والإعراض التي وضعوه
فيها، ويخرجوا أنفسهم من الصراع على الزعامات التي شتتتهم وفرقت صفهم.
وإن كان لهم بعض التواضع، فأنصحهم أن
يتعالوا عن الخلافات الفرعية التي تفرق بينهم وبين إخوانهم من الشيعة في هذا
المجال، فيجعلوا لمهديهم وجودا ولو رمزيا في أذهان الناس ومشاعرهم، وسيرون كيف
يلتف الناس حولهم، وكيف ينهضون، لأن من طبيعة البشر ألا يستسلم إلا للمقدس، وألا
يخضع إلا للمعصوم.. وما داموا يدنسون مهديهم بالاحتقار والإعراض، فإن جزاءهم سيكون
الاحتقار والإعراض.