من هي طالعة
عليهم، فيفسد هؤلاء وهؤلاء، فاقتضت الحكمة الإلهية والعناية الربانية أن قدر
طلوعها من أول النهار من المشرق، فتشرق على ما قابلها من الأفق الغربي، ثم لا تزال
تدور وتغشى جهة بعد جهة حتى تنتهي الى الغرب فتشرق على ما استتر عنها في أول
النهار، فيختلف عندهم الليل والنهار فتنتظم مصالحهم)[1]
واستفدته من
كلام للشيخ محمد بن صالح العثيمين حول هذه المسألة في تفسيره لسورة الكهف يصلح أن
يكون منهجاً في التعامل مع مثل هذه المسائل.. وهو عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَتَرَى
الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا
غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ ﴾ [الكهف: 17]، لقد اعتبر الشيخ أن
هذه الآية القرآنية (دليل على أن الشمس هي التي تتحرك، وهي التي بتحركها يكون
الطلوع والغروب خلافاً لما يقوله الناس اليوم من أن الذي يدور هو الأرض، وأما
الشمس فهي ثابتة.. فنحن لدينا شيء من كلام الله، الواجب علينا أن نجريه على ظاهره،
وألا نتزحزح عن هذا الظاهر إلَّا بدليل بَيِّن، فإذا ثبت لدينا بالدليل القاطع أن
اختلاف الليل والنهار بسبب دوران الأرض فحينئذ يجب أن نؤول الآيات إلى المعنى
المطابق للواقع، فنقول: إذا طلعت في رأي العين وإذا غربت في رأي العين، تزاور في
رأي العين، تقرض في رأي العين، أما قبل أن يتبين لنا بالدليل القاطع أن الشمس
ثابتة والأرض هي التي تدور وبدورانها يختلف الليل والنهار)[2]
تعجبت من ليه
لأعناق النصوص.. وأردت أن أقول بأن القرآن الكريم له أسلوبان في الحديث عن هذه
المسائل: مطلق.. وهو ذكر الحقيقة كما هي في الواقع كما قال تعالى، وهو يصور الشمس
في مسيرها، وكأننا نراها: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
[1] مفتاح
دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 209).
[2] محمد بن صالح بن محمد العثيمين،
تفسير سورة الكهف (ص: 32)