شعرت بتأنيب
كبير من نفسي، وشعرت حقا بأني بخيل كما يقولون.. ومددت يدي لجيبي، لكني تذكرت
السائق والمستشفى والمريض.. فقلت في نفسي مطمئنا لها: هؤلاء أيضا مسلمون.. وهم
أيضا محتاجون إلى مالي..
بعد أن
انتهوا من جمع المال، قامت الصلاة، فتنفست الصعداء، لكن الإمام بعد إقامة الصلاة
قال: ننبه إلى أننا سندعو في الصلاة بقنوت النوازل ليخرج المسلمون من أزمتهم،
وليفرج الله عليهم، ويقمع أعداءهم، ويجمد الدماء في عروقهم.
قلت في نفسي:
لا بأس.. ما دامت الصلاة قد بدأت، فسرعان ما تنتهي، فقد أوصى رسول الله a بتخفيف صلاة الجماعة.. ولا شك أن هؤلاء حريصون على
تطبيق هذه السنة.
لكن الأمر لم
يكن كما تصورت.. فقد راح يصلي صلاة طويلة، لست أدري ما كان يقرأ في كل ركعة، ولا
ما يقول في كل ركوع وسجود.. والذي آذاني أكثر أن الذي أصلي بينهما خنقاني خنقا
شديدا، فكلما أبعدت كتفي راحا يضغطان عليها، وكلما أبعدت قدمي راحا يلصقان فيهما
قدميهما بقوة.. ويشهد الله أني لم أخشع في تلك الصلاة ولم يحضر قلبي فيها، لأن
الصراع الذي بيني وبين جاري فيها شغلاني عن القراءة والتسبيح والتكبير، ولم أستفق
إلا بدعاء القنوت.. وما أدراك ما دعاء القنوت..
لقد راح
الإمام يستعرض فيه جميع مناوئيه وأعدائه.. ويدعو عليهم واحدا واحدا.. يسميهم
بأسمائهم.. ولم يكتف بذلك بل راح إلى جميع طوائف المسلمين يدعو عليهم بالويل
والثبور وعظائم الأمور.. ولما فرغ منهم راح لليهود، فدعا الله أن يزلزل أرضهم،
ويحرق مصانعهم، ويجمد الدماء في عروقهم.. ولما فرغ منهم راح للنصاري، ودعا عليهم
بالجنون والبرص والجذام وسيء الأسقام.. ولما فرغ منهم راح للبوذيين، فدعا عليهم
بهمزات الشياطين ونفثهم ونفخهم وهمزهم.. ولما فرغ منهم راح