ابتسم الشيخ
لكلامه هذا.. ولم يبد أي غضب، بل قال له: ولا شك أيضا أنك أكلت من الطعام، وشربت
من الشراب ما لم يدخل جوفي مثله.
قال صاحبي:
أتتهكم علي؟
قال الشيخ:
لا.. معاذ الله أن أتهكم على أحد من خلقه.
قال صاحبي:
أجل.. لقد سافرت إلى الكثير من البلاد.. وقد أكلت فيها من الطعام، وشربت من الشراب
ما لم تحلم بمثله.
قال الشيخ:
فهلا وصفته لي حتى كأني أذوقه كما ذقته..
قال صاحبي:
لا يمكن ذلك..
قال الشيخ:
لقد زعمت أن لك علما وقدرات لغوية.. فهل عجزت جميعا عن وصف الطعام والشراب؟
لم يدر صاحبي
ما يقول، فرد عليه الشيخ: كما عجزت لغتك عن التعبير عن طعام جسدك.. فقد عجز لساني
كذلك عن وصف طعام روحي.. ولذلك اكتفيت بالرمز الذي لا يفهمه إلا من يعيش عالم
الرموز.
في ذلك اليوم
افترقنا نحن الثلاثة.. ولم نلتق إلا بعد أكثر من ثلاثين سنة.. لن أحكي لكم سبب
ذلك، لأنه لا يعنيكم.. ولكني سأحكي لكم قصة صاحبيَّ، وما صار إليه حالهما بعد تلك
العقود من السنين.
أما صاحب
الأوراق منهما، فقد رأيته على شاشات التلفاز، بعد أن استضافته قناة من القنوات
الكبرى المشهورة.. لعلكم تعرفونها.. تلك القناة التي لا تتقن إلا إثارة الفتن
والتحريض على الشغب..
وقد كان مقدم
الحصة أيضا معروفا بحبه للإثارة، وإيثاره للتحريض والمحرضين، وقد راح يقدمه بطريقة
عجيبة جعلت منه بطلا من أبطال الإسلام الكبار.