يتوهم البعض
أن دعوتنا لإعمال البحث العقلي في الدين ليست سوى إعطاء للعقل مجالا غير مجاله،
وصلاحيات غير صلاحياته.. فالعقل معقول ومقيد، ويستحيل عليه أن يتعرف على المعارف
العليا التي لا تخضع لمجاله.
وهذا كلام
صحيح من نواح كثيرة.. ولكنه ليس صحيحا مطلقا.. لأن القرآن الكريم دعا إلى إعمال
العقل في أمهات قضايا الدين.. ولا يصح أن نرمي هذه الدعوات سلة المهملات.
إذن ما هي
علاقة الدين بالعقل.. وكيف نعمل العقل في مجاله.. والدين في مجاله.. وكيف نسمح
لأنفسنا بمناقشة العقل للدين؟
وللإجابة على
هذه الأسئلة نستحضر بعض الأمثلة التي نوقشنا فيها كما نوقش فيها الدعاة إلى إخضاع
النصوص الروائية ـ خصوصا ـ للعقل..
وكمثال على
ذلك الموقف من حديث الذباب أو حديث البكتريا اللذين رواهما أصحاب الصحاح عن أبي
هريرة.. وانتقدناهما نقدا شديدا، واستعملنا العقل في النقد.. وتصور البعض أننا
بنقدنا لذلك ننقد رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) نفسه.. ولم يضع في
حسابه أننا ننقد رواة الحديث، ولا يهمنا من كان منهم هل هو أبو هريرة أو البخاري
أو غيرهما..
ونقدنا ذلك
منطلق من مقدمات عقلية وقرآنية غاية في الدقة.. فرسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
الذي أخبر الله تعالى عنه أنه لا ينطق عن الهوى، وأن كل معارفه معصومة ومستمدة من
الوحي الإلهي يستحيل أن يقع في مثل هذا الخطأ.. ولذلك فنحن استعملنا العقل، لا لضرب
الوحي، وإنما لحمايته من الخرافة والدجل الذي تسرب إليه.
وحجتنا في
الرد أيضا عقلية وشرعية.. ذلك أن الوهم الذي دخل تلك الأحاديث