لابد أن يكون له أحد مصدرين: إما أن يكون
رسول الله a.. وذلك مستحيل لمقدمات عقلية
كثيرة.. وإما أن يكون مصدره أبو هريرة أو الرواة عنه.. وذلك جائز، وباتفاق
الناقدين لنا.. لأن أبا هريرة أو غيره من الرواة لا يستحيل عليهم الخطأ، لا عقلا
ولا شرعا، بل قد وقع منهم ذلك، ووقع التصحيح لهم من طرف الصحابة أنفسهم..
ثم إنه لا
ضرر في نسبة الخطأ إليهم إذا ما ناقشنا المستشرقون أو المستغربون الذين يتهمون
رسول الله a بسبب تلك الأحاديث.. لأننا لم
نزعم لهم أننا نقول بعصمة النقلة والرواة والأسانيد.
وهذا الموقف
يعطينا قوة كبيرة في مواجهة الحداثيين أو اللادينيين أو غيرهم ممن يثيرون الشبهات
علينا بسبب أمثال تلك النصوص.. لأن مساحة دفاعنا ستبقى مختصة بالمقدس، لا ما عداه.
ولذلك فإنه
من المستحيل على من يقدس التراث أو يقدس التاريخ أو يقدس أمثال تلك الروايات أن تكون
له القدرة على مواجهة مثيري الشبهات على الإسلام.. إلا إذا استعمل المنهج الذي
نراه في الواقع .. وهو منهج السباب والتضليل والتكفير.. وهو منهج يزيد في تشويه
الإسلام أكثر مما يساهم في رد الشبهات عنه.
هذا هو
موقفنا.. وهو موقف شرعي عقلاني أخلاقي.. يقدم رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
على أي كان صحابيا أو تابعيا .. سلفيا أو خلفيا.
بينما موقف
الآخرين موقف هش ضعيف، لا شرعي ولا عقلاني، بل إن الجرأة وصلت بهم في سبيل حفظ
عصمة أبي هريرة والرواة عنه إلى اتهام رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
نفسه..
وقد ذكرنا في كتابنا
عن أبي هريرة ذلك الموقف المخزي الذي وقفه المحدثون من تلك الرواية العجيبة
المتناقضة والتي يروي فيها أبو هريرة أن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) قال: (فقدت أمة من
بني إسرائيل، لم يدر ما فعلت، وإني لا أراها إلا الفأر، ألا ترونها إذا وضع