لها ألبان الإبل لا
تشربه، وإذا وضع لها ألبان الشاء شربته)، قال أبو هريرة: حدثت بهذا الحديث كعبا،
فقال: سمعته من رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)؟ فقلت: نعم، فقال
لي ذلك مرارا، فقلت: أتقرأ التوراة؟!)[1]
فقد ذكر
السلفيون والمحدثون قبلهم أن معلومات رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
التي ذكرها في هذا خاطئة، وأنها كانت باجتهاد منه، لأن الحديث يتعارض مع حديث آخر
يذكر أنه لا عقب للمسخ.
وقد عبر بجرأة كبيرة
عن هذا المعنى الشيخ عبد العزيز الراجحي، فقال ـ تعليقا على الحديث ـ: (يعني: أن الفأر
مسخ، لأمة من بني إسرائيل مسخوا فأرا، وهذا قاله النبي a بظنه واجتهاده، حيث
قال: ولا أراها -بضم الهمزة- أي: أظنها. وهذا قاله قبل أن يوحى إليه أن الممسوخ لا
يعيش أكثر من ثلاثة أيام، وإنما مسخ بنو إسرائيل قردة وخنازير ثم لم يعيشوا أكثر
من ثلاثة أيام كما قال الله: ﴿فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ
قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ أما الفأر فهو أمة من الأمم،
وكذا القردة أمة، وكذا الخنازير والكلاب أمة، أما الممسوخون فإنهم لم يكن لهم نسل
ولا عقب، بل ماتوا بعد ثلاثة أيام)[2]
وللأسف فإن
هذا الراجحي لم ينكر عليه أحد هذه الجرأة، لأنه لم يتجرأ على تخطئة أبي هريرة،
وإنم تجرأ على تخطئة رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)..
والمهم عند السلفية وأتباعهم أن تبرأ ساحة أبي هريرة.. ولا يهم أن تدنس ساحة رسول
الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم).
وهؤلاء الذين
يقولون هذا لم يقرأوا قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ
عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ
مَسْئُولًا﴾ [الإسراء: 36]، فهل يمكن لرسول
[1] رواه أحمد (2/234، رقم 7196)،
والبخارى (3/1203، رقم 3129)، ومسلم (4/2294، رقم 2997) وأبو يعلى (10/420، رقم
6031)، والديلمى (3/126، رقم 4340)، وغيرهم.