تلك الصورة هي التي خلقها الله عليها، كأبي القاسم بن قسى وأمثاله،
ولما خلقها الله تعالى، كان زحل في الثور، وكانت الشمس والأحمر في القوس، وكان
سائر الدراري في الجدي. وخلقها الله تعالى من تجلى قوله، في حديث مسلم: (جعت فلم
تطعمني! وظمئت فلم تسقني! ومرضت فلم تعدني! وهذا أعظم نزول نزله الحق إلى عباده
في اللطف بهم، فمن هذه الحقيقة خلقت جهنم. أعاذنا اللَّه، وإياكم، منها! فلذلك
تجبرت على الجبابرة، وقصمت المتكبرين)[1]
ويتحدث عن المأدبة المعدة لأهل الجنة، والمندبة المعدة لأهل النار،
فيقول: (في ذلك الوقت يجتمع أهل النار في مندبة. فأهل الجنة في المآدب. وأهل النار
في المنادب. وطعامهم في تلك المأدبة زيادة كبد النون. وأرض الميدان درمكة بيضاء،
مثل القرصة. ويخرج من الثور الطحال لأهل النار. فيأكل أهل الجنة من زيادة كبد
النون. وهو حيوان بحرى مائي. فهو عنصر الحياة المناسبة للجنة. والكبد بيت الدم.
وهو بيت الحياة. والحياة حارة رطبة. وبخار ذلك الدم هو النفس، المعبر عنه بالروح
الحيواني، الذي به حياة البدن. فهو بشارة لأهل الجنة ببقاء الحياة عليهم. وأما
الطحال في جسم الحيوان، فهو بيت الأوساخ، فان فيه تجتمع أوساخ البدن، وهو ما يعطيه
الكبد من الدم الفاسد. فيعطى لأهل النار يأكلونه. وهو من الثور. والثور حيوان
ترابى، طبعه البرد واليبس. وجهنم على صورة الجاموس. والطحال من الثور، لغذاء أهل
النار، أشد مناسبة: فبما في الطحال من الدمية، لا يموت أهل النار، وبما فيه من
أوساخ البدن ومن الدم الفاسد المؤلم، لا يحيون ولا ينعمون. فيورثهم أكله سقما ومرضا)[2]