إلى آخر
كلامه الطويل، والذي يحاول أن يبين مكان العرش في نفس الوقت الذي يقع فيه في أخطاء
جغرافية وفلكية بسيطة تتعلق بالأرض التي يعيش عليها، والتي يعرفها أبسط الصبيان في
عصرنا.
فهو يزعم أن
البشر لا يعيشون إلا في الجزء العلوي من الكرة الأرضية.. وأن الجزء السفلي منها
بحر محيط.. وأنها ثابتة.. وأن العرش يحاذيها من جهة العلو.. إلى آخر أوهامه التي
لا يزال يتلقاها أتباعه بالقبول، وكأنها وحي يوحى.
ثم راح يطرح
تساؤلا عجيبا، لم يكن في حاجة لطرحه، وهو عن سر التوجه في الدعاء إلى جهة العلو..
وكان يمكنه أن يجيب عنه بأجوبة كثيرة، أسهلها أن هذا من العبادات، وأنه غير معقول
المعنى.. أو أن يذكر بأن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة.. أو أن
يقول غير ذلك.
لكنه ـ مثله
مثل الشيخ الأكبر ـ راح يجيب بالأوهام، ليحول الحقائق إلى أوهام، فيقول: (فيقال
له: هذا السؤال إنما ورد لتوهم المتوهم أن نصف الفلك يكون تحت الأرض، وتحت ما على
وجه الأرض من الآدميين والبهائم، وهذا غلط عظيم، فلو كان الفلك تحت الأرض من جهة
لكان تحتها من كل جهة، فكان يلزم أن يكون الفلك تحت الأرض مطلقا، وهذا قلب
للحقائق، إذ الفلك هو فوق الأرض مطلقا. أهل الهيئة يقولون: لو أن الأرض مخروقة إلى
ناحية أرجلنا وألقي في الخرق شيء ثقيل كالحجر ونحوه لكان ينتهي إلى المركز، حتى لو
ألقي من تلك الناحية حجر آخر لالتقيا جميعا في المركز، ولو قدر أن إنسانين التقيا
في المركز بدل الحجرين لالتقت رجلاهما ولم يكن أحدهما