هناك جانبان
في حياة رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) وفي وظائفه
الدعوية، أحدهما يمكن التعبير عنه بالرسالة، وهو تلك التعاليم العقدية والسلوكية
التي بلغها رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) عن ربه، والتي
اتفقت الأمة على قبولها، والأخذ بها.. وإن اختلفت في درجة ذلك.
والجانب
الثاني، هو ما يمكن التعبير عنه بالنبوة.. أو هو معنى من معاني النبوة.. وهو كونه (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) مخبرا عن مستقبل هذه الأمة، وما ستمتحن به من
أنواع الامتحان، وكيف تخرج منها سالمة، وهذا للأسف لقي إعراضا كبيرا من لدن الكثير
من الناس.. وخصوصا الباحثين منهم، مع أن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
أدى ذلك على أحسن وجه وأكمله، ومع أن الكثير من ذلك قد بلغنا بوضوح ودقة لا يمكن
الشك فيها.. ولكن مع ذلك كله نرى الأمة في هذا الجانب تعرض عن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) ، فتذكر من العلل غير ما ذكره، بل تتهرب مما ذكره،
وتحتال عليه بصنوف الحيل.
ومن أمثلة
ذلك قوله a في الحديث الذي اتفق عليه
الشيخان البخاري ومسلم، وهو ما رواه سعيد بن عمرو بن العاص قال: كنت مع مروان وأبي
هريرة في مسجد النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، فسمعت أبا هريرة
يقول: سمعت الصادق المصدوق يقول: (هلاك أمتي على يدي أغيلمة من قريش، فقال مروان:
غلمة، قال أبو هريرة: (إن شئت أن أسميهم بني فلان وبني فلان)[1]
فمع صحة
الحديث، ومع كونه إخبارا من رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
عن دور أولئك الأغيلمة من قريش، والذين ورد في تفسيرهم في روايات أخرى بكونهم من
بني أمية الذين يشملون معاوية ومن بعده.. ولكن مع ذلك لا نرى اهتماما بالبحث عن
هؤلاء الأغيلمة،