بربكم .. من
يسمع كل هذا.. كيف يمكن أن يتغلب على نفسه الأمارة بالسوء، وكيف يمكنه أن يحولها
إلى الصراط المستقيم.. بل كيف يمكنه أن يذرف دمعة واحدة من خشية الله.. وهو يعلم
أنه لن يلقى أي عقوبة، وأن كل جرائمه التي ارتكبها ستمسح عنه، مثلما مسحت كل جرائم
من قتل مائة نفس.. وبعد كل ذلك لم تستقبله إلا ملائكة الرحمة، لتزفه للرحمة
الإلهية.. وتضيع حقوق مائة نفس كاملة جنى عليها، وعلى أهلها.. وتضيع معها كل القيم
المرتبطة بالعدالة الإلهية.
هكذا تلاعب
الشطان بمفهوم الشفاعة، واستثمرة خير استثمار ليحول منه قنبلة نووية تقضي على كل
القيم النبوية.
ولو أن هؤلاء
الذين قبلوا تلك الأحاديث، وسلموا لمعانيها، قرأوا معها قوله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) في تلك الشعيرة من الشعائر المقدسة: (أتدرون أى
يوم هذا، وأى شهر هذا، وأى بلد هذا؟ قالوا هذا بلد حرام وشهر حرام ويوم حرام قال
ألا وإن أموالكم ودماءكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا فى بلدكم هذا ألا وإنى فرطكم
على الحوض أنتظركم وأكاثر بكم الأمم فلا تسودوا وجهى ألا وقد رأيتمونى وسمعتم منى
وستسألون عنى فمن كذب على فليتبوأ مقعده من النار ألا وإنى مستنقذ أناسا ومستنقذ
منى أناس فأقول يا رب أصحابى فيقول إنك لا تدرى ما أحدثوا)[1]
وقرأوا معه
قوله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم): (يرد علي الحوض ناس من أصحابي، حتى إذا رأيتهم
وعرفتهم، اختلجوا دوني، فأقول: يا رب، أصحابي، أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما
[1] رواه أحمد (5/412، رقم 23544)
(5/393، رقم 23385) ، والبخارى (5/2404، رقم 6205)، والنسائى فى الكبرى (2/444،
رقم 4099).