وقد حصل مثل
هذا في الأمم السابقة، كما ورد في الإنجيل عن المسيح عليه السلام، وهو يوبخ اليهود
الذين راحوا يتيهون على الناس بقرابتهم لإبراهيم، فقال لهم: (يا أولاد الأفاعي، من
أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي، فاصنعوا أثمارا تليق بالتوبة. ولا تبتدئوا تقولون
في أنفسكم: لنا إبراهيم أبا. لأني أقول لكم: إن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة
أولادا لإبراهيم) [لوقا: 3/7-8]
ولهذا فإن
القرآن الكريم يخبر أن عقوبة الأقرب إلى رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
أشد من عقوبة غيره في الآخرة، لكونه يتلقى من التوجيه والتربية ما لا يتلقاه غيره،
ولكونه يعيش في بيئة أفضل من بيئات غيره، فقال: ﴿يَانِسَاء النَّبِيِّ مَن
يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ
وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الله يَسِيرًا﴾ [الأحزاب:30]، ومضاعفة العذاب هنا
واضحة في دلالتها على عذاب الآخرة.. فكيف يجرؤ بعدها ابن عربي على اعتبار
المنتسبين لآل البيت معفيين من جرائمهم.
بل إنه لم
يكتف بذلك، وإنما راح يعطيهم حصانة من النقد، فقال: (و ينبغي لكل مسلم مؤمن بالله
وبما أنزله أن يصدق الله تعالى في قوله﴿ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ
أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ فيعتقد في جميع ما يصدر من
أهل البيت إن الله قد عفا عنهم فيه فلا ينبغي لمسلم أن يلحق المذمة بهم، ولا ما
يشنأ أعراض من قد شهد الله بتطهيره وذهاب الرجس عنه لا يعمل عملوه ولا بخير قدموه
بل سابق عناية من الله بهم)[1]
بل إنه دعا
إلى التنازل لهم عن جرائمهم التي يقعون فيها، والنظر إليها لا على أنها جرائم،
وإنما على أنها مقادير قدرها الله، فقال: (إنّه لا ينبغي لمسلم أن يذمّهم بما يقع
منه أصلاً، فإنّ اللّه طهّرهم، فليعلم الذامّ لهم أنّ ذلك راجع إليه ولو ظلموه.
فذلك الظلم