الذي هو في
زعمه ظلم لا في نفس الأمر، يشبه جري المقادير على العبد في ماله ونفسه بغرق أو
حرق، أو غير ذلك من الأمور المهلكة، فيحرق أو يموت له أحد من أحبابه أو يصاب هو في
نفسه، وهذا كلّه ممّا لا يوافق له غرضه، ولا ينبغي أن يذمّ قدر اللّه ولا قضاءه،
بل ينبغي أن يقابل ذلك بالتسليم والرضا. وإن نزل عن هذه المرتبة فبالصبر، وإن
ارتفع عن تلك المرتبة فبالشكر، فإن في طيّ ذلك نعماً من اللّه لهذا المصاب، وليس
وراء ما ذكرناه خير، فإنّ ما وراءه إلاّ الضجر والسخط وعدم الرضاء وسوء الأدب مع
اللّه تعالى. فكذا ينبغي أن يقابل المسلم جميع ما يطرأ عليه من أهل البيت، في ماله
ونفسه وعرضه وأهله وذويه. فيقابل ذلك كلّه بالرضا والتسليم والصبر، ولا يلحق
المذمّة بهم أصلاً، وان توجهت عليهم الأحكام المقرّرة شرعاً، فإنّ ذلك لا يقدح في
هذا، بل يجريه جري المقادير)[1]
ولست أدري
كيف يطالب الناس بالإيمان بعدالة إله يرونه يفرق بين عباده، لا على أساس أعمالهم،
وإنما على أساس أنسابهم.. وهم يقرؤون قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ
خَبِير﴾ [الحجرات:13]
بل إن ابن
عربي ـ كعادته في مزج الأحكام بالرؤى والهواتف ونحوها ـ راح يحكي هذه الرؤيا ـ
فقال: (ولقد أخبرني الثقة عندي بمكّة، أنّ شخصاً كان يكره ما يفعله الشرفاء بمكّة
في الناس، فرآى في منامه فاطمة ابنة رسول اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)،
وهي معرضة عنه: فسلّم عليها وسألها عن إعراضها عنه، فقالت له: انّك تقع في
الشرفاء، قال: فقلت: يا سيّدتي ألا ترين ما يفعلونه في النّاس؟ فقالت: أليس هم
بنيّ؟ قال: فقلت لها: من الآن تبت إلى اللّه،