نام کتاب : دعوها.. فإنها منتنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 26
وهكذا
كان الطغاة في كل الأزمنة عربا كانوا أو عجما، يمارسون باسم عنصريتهم البغيضة كل
أساليب العدوان على غيرهم من الشعوب التي ينعتونها بالبربرية والتخلف، ثم يستولون
عليها وعلى خيراتها، ويستغلونها أبشع استغلال.
ولعل
أقرب الأمثلة وضوحا على هذه النزعة العنصرية البغيضة، وتمكنها في الأرض، النزعة
النازية، وهي نزعة عنصرية، راحت تستعمل الطين والحمأ المسنون وسيلة لتصنيف البشر،
والتسلط عليهم.
يقول
المسيري معبرا عن أثر العنصرية في ظهور النازية: (مع تَزايُد معدلات العلمنة
الشاملة، لم يَعُد من الممكن تصنيف البشر على أساس ديني، فلم يكن ثمة مفر من
تصنيفهم على أساس مادي موضوعي طبيعي كامن فيهم، وليس مفارقاً لهم. ولهذا، طُرح
الأساس البيولوجي العرْقي أساساً وحيداً وأكيداً لتصنيفهم. وتم المزج بين هذه
النظرية شبه العلمية ونظرية أخرى شبه علمية وهي الداروينية الاجتماعية، وكانت
الثمرة هي النظرية الغربية في التفاوت بين الأعراق ذات الطابع الدارويني)[1]
وهذا
الطرح النازي ـ كما عبر عنه المسيري ـ هو نفسه الطرح الذي ينادي به العنصريون
الذين يتصورون أن لهم عرقا خاصا ومميزا، وأنهم مصنفون بيولوجيا تصنيفا يختلف بهم
عن سائر الإنسانية.