وسبب هذا الموقف
هو نظرية التطور التي يؤمن بها، وجعلته يتوهم أن البشر كانوا من الضعف بحيث لم تكن
لهم القدرة على استقبال النبوة البشرية، ولذلك تدرج الله معهم.
وهكذا ينطلق من
هذه النظرية ليفسر النبوة، والتي يعتبرها مرحلة ترتبط بالضعف والقصور البشري، وأن
البشر في تلك المراحل كانوا ـ مثل الطفل الصغير ـ يحتاجون إلى رعاية خارجية؛ فلما
كبروا استغنوا عنها، ولهذا يفسر ختم النبوة، بكون البشر أصبح لهم من الرقي العقلي
ما يغنيهم عن النبوة، وبالتالي يمكنهم التخلي عن النبوة الخاتمة نفسها، بتلك
الأفكار التي يمكنهم أن يصلوا إليها.
بل إنه ينطلق من
هذه النظرية ليفسر الأدوار التي كلف الأنبياء عليهم السلام بالقيام بها، وهي أدوار
تخالف تماما ما ورد في القرآن الكريم من شأنها.
فهو عند ذكره
لوظيفة نوح عليه السلام مع قومه، يعبر عنها بقوله: (لقد كان نوح أول رسول ونبي من
البشر في منطقة الشرق الأوسط كما يعتقد العالم القديم، وقومه هم بداية الإنسان الحديث في هذه المنطقة حيث كان هناك مجموعة من الناس لها علاقات اجتماعية بدائية، ولها
لغة مجردة بحيث تسمح لنوع من الوحي المجرد، وكان الوضع الإنتاجي في هذه الحقبة
التاريخية بدائيا جدا، لذا فقد كان الشرك الأساسي الذي وقع فيه الإنسان آنذاك هو
عبادة مظاهر الطبيعة وخاصة الشمس والقمر، وقد ذكر هذا في قوله تعالى: {أَلَمْ
تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا
نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 76