نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 79
لذلك من القرآن
الكريم على طريقته في الاستنباط الممتلئ بالغرابة، فهو يقول ـ عند حديثه عن تطور
اسم الإله ـ: (لقد رأينا كيف شاع التشخيص قبل إبراهيم، وانتشرت ظاهرة تعدد الآلهة
من كواكب ونجوم وأصنام وتماثيل، وكيف كان مفهوم الإله المجرد غامضاً لا اسم له
لعدم اكتمال القدرة العقلية على التجريد عند أهل تلك العصور؛ فقد كان اسمه عند
الأسباط ( إله إبراهيم)، وذلك في قوله تعالى: { أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ
حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي
قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ
إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 133]، وكان اسمه عند فرعون:
( إله موسى )، كما في قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي
صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ
إِلَى إِلَهِ مُوسَى} [غافر: 36، 37]، وكان اسمه عند سحرة فرعون: ( رب العالمين)،
و ( رب موسى وهارون)، كما في قوله تعالى: {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ
(121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ } [الأعراف: 121، 122]، أو لم يكن له اسم على
الإطلاق كما عند فرعون في قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ
آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ
وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ } [يونس: 90] ) [1]
وهو يصور أن
الاهتداء لله لم يتم إلا في عهد إبراهيم عليه السلام، وذلك (بعد رحلته الطويلة في
البحث عن الله من المشخص إلى المجرد، وليولد عنده مفهوم الإسلام والتسليم لهذا
الإله المجرد لأول مرة في تاريخ الإنسان بدلالة قوله تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ
إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ } [الحج: 78]) [2]