نام کتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 219
وهذه الأعمال التي يقترحها الغزالي لمعالجة العلل الباطنة صعبة، والصبر عليها
شاق، ولكن دون الشفاء مرارة الدواء [1].
وهو يذكر الأمثلة الواقعية الكثيرة على ذلك تنشيطا للهمم، وحثا للإرادة، فقد
حكى عن بعضهم أنه كان لأجل تعويد نفسه على الحلم يستأجر من يشتمه على ملأ من الناس،
ويكلف نفسه الصبر، ويكظم غيظه، حتى صار مضرب المثل في الحلم، وبعضهم كان يستشعر في
نفسه الجبن، فأراد أن يحصل خلق الشجاعة، فكان يركب البحر في الشتاء عند اضطراب الأمواج
[2].
وهذا يذكرنا بـ (ديموستين)[3] خطيب أثينا الكبير الذي
شيدت له التماثيل تعظيما له مع أنه ولد عيبا ضعيف الجسد لا يقوى على الكلام، ولكنه
كان يعمل للتغلب على ما فيه من نقص طبيعي، فكان يخاطب البحر، وفمه مملوء بالحصاء، أو
يخطب، وهو بصعد الجبل، وكان يعيد خطبه مرارا على نفسه أمام المرآة [4].
وهنا يفند الغزالي شبهة قد تغري النفس
فتمنعها من المجاهدة التي ترهقها وتحول بينها وبين ملذاتها قائلا: (إذا كانت النفس
بالعادة تستلذ الباطل وتميل إليه، فكيف لا تستلذ
[3] هو ديموستين (384 ـ 322ق.م)، سياسي وخطيب يوناني، حرض أثينا على
مقاومة فليبس المقدوني، انظر: منير البعلبكي، معجم أعلام المورد، ص197.
[4] انظر: أحمد حسين، الطاقة الإنسانية،ط3، بيروت: المكتبة العصرية
1970،ص249 . وفي هذا الكتاب النماذج الكثيرة عما تفعله الإرادة الإنسانية إذا ما
وجهت توجيها قويا نحو غاية معينة، بحيث تكاد تأتي بالمعجزات.
نام کتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 219