نام کتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 225
ولكن هذا التحديد الذي لم يكن دور الغزالي
فيه إلا استنباطه من الشريعة وإخراجه للناس لم يعجب زكي نجيب محمود الذي قال: (قل ما
شئت عن الإمام الغزالي في قوة حجته وفي قدرته القادرة على التحليل، وفي سعة أفقه وغزارة
علمه وحضور بديهته، وفي عقلانية نظرته فلن تجاوز الحق، ولكن ذلك كله لا ينفي عنه أنه
استخدم تلك القوة والقدرة والرسوخ في أن رسم صورة تفصيلية للمسلم، كيف ينبغي له أن
يعيش ليساير ما يقتضيه الشرع.. فكان كأنما وضع لحياة المسلم قالبا من حديد لم يعد بعدها
قادرا على أن يتحرك بتلقائية الإنسان المفكر الحر)[1]
مع أن الالتزام بتلك الآداب والتقيد بها هو الذي أخرج
العباقرة الذي يشهد لهم زكي نجيب محمود نفسه، وأما الاسترسال مهملا ـ كما نعيش الآن
ـ فمن أخرج لنا؟!
الآداب الباطنة:
ويقصد بها الغزالي ما تستشعره النفس عند أدائها لأي عمل سواء كان عبادة أو
غيرها، لأن القصد من تلك الظواهر المؤداة انسجام النفس معها والتحقق بها، وكما عبرنا
في الآداب الظاهرة من الحركات إلى معانيها، فالعبور من الباطن أو الروح أو المعنى إلى
الظاهر أو الجوارح أو الحس، وفي كل ذلك يتوحد الإنسان بتوحد سلوكه وتوجهه واهتمامه،
وفي ذلك التوحد يتحقق معنى الإسلام.
والغزالي يفصل الآداب الباطنة، وما ينبغي أن تستشعره النفس المؤمنة
في كل تصرفاتها، ويأتي في ذلك أحيانا بالغرائب، فمن آداب المتصدق مثلا أن يعتبر الفقير
محسنا إليه لقبوله صدقته، وعلامة ذلك (أن يقدر أن الفقير لو جنى عليه جناية، أو
مالأ عدوا له عليه
[1] د. زكي نجيب محمود، المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري،
ط3،بيروت،القاهرة: دار الشروق ، 1401ه ـ 1981م، ص345.
نام کتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 225