نام کتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 232
رعايتها، وهي:
التناصح:
بما
أن العلاقة بين المؤمنين هي علاقة الأخوة في الله فإن التناصح هو المظهر الأول لهذه
العلاقة، فالمؤمنون يجتمعون بالله، ويتفرقون عليه، وينقل الغزالي في هذا المعنى عن
ذي النون المصري [1] قوله:
(لاتصحب مع الله إلا بالموافقة، ولا مع الشيطان إلا بالعداوة) [2]
وليس
في هذا السلوك أي وحشية أو نفرة قلب، بل هو عين الشفقة والرحمة، لأن (من ينبهك إلى
صفة مذمومة اتصفت بها لتزكي نفسك عنها كان كمن ينبهك على حبة أو عقرب تحت ذيلك، وقد
همت بإهلاكك، فإن كنت تكره ذلك فما أشد حمقك)[3]
ولكن
الغزالي يفرق بين المناصحة التي تتعلق بالمصالح الدينية أو الدنيوية، وبين المناصحة
التي هي عتاب على التقصير في الحقوق الأخوية، فإن الأفضل في الحالة الثانية هو الاحتمال
والعفو والصفح والتعامي إلا إذا أدى استمرار ذلك إلى القطيعة، فحينذاك يكون (العتاب
في السر خير من القطيعة، والتعريض خير من التصريح، والمكاتبة خير من المشافهة، والاحتمال
خير من الكل)[4]
وذلك لأن الغزالي يرى أن دوام اتصال
العلاقة بين المؤمنين المصلحة الكبرى التي ينبغي المحافظة عليها، ولو يتحمل بعض المفاسد
الفرعية الناجمة عن هذه العلاقة إذا أدى
[1] هو أبو القبض ثومان بن إبراهيم ، من كبار الصوفية المتقدمين،
مشهور بحكاياته في الحب الإلهي، توفي سنة 140هـ، انظر:ابن الجوزي، صفة الصفوة، ج2،
ص460.