نام کتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 79
المسلمين التي كفلها الله لهم في الحدود
المشروعة.
الإجماع على إنكاره:
فأما إن كان محل اجتهاد، أو وقع فيه الخلاف بين العلماء، فلا يجوز الإنكار
فيه، يقول الغزالي ضاربا بعض الأمثلة على ذلك: (ليس للحنفي أن ينكر على الشافعي أكله
الضب والضبع ومتروك التسمية، ولا للشافعي أن ينكر على الحنفي شربه النبيذ الذي ليس
بمسكر، وتناوله ميراث ذوي الأرحام)[1]
وقد اشتهر عن الغزالي في هذه المسألة القول بأن (كل مجتهد في الظنيات مصيب
وأنها ليس فيها حكم معين من الله)[2]
وهنا يحتد الخلاف بين من يرى رأي الغزالي من أن جهود الإصلاح ينبغي أن توجه
إلى الأصول قبل الفروع، وإلى القطعي قبل الظني، وإلى المجمع عليه قبل المختلف فيه،
بل إنه لا يحتسب في المختلف فيه أصلا، وتدعوا إلى احترام الرأي الآخر مادام مؤسسا على
أدلة، أو قال به أحد علماء الأمة المعتد بهم، وبين المدرسة السلفية الحديثة التي تنطلق
من أن الحق واحد، والمصيب بالتالي واحد، ولذلك تدعو إلى الأرجح الذي تراه من المختلف
فيه، وتدعو إلى الاجتهاد العام، وتعتقد أن الانتماء المذهبي بدعة حادثة في الدين يجب
إزالتها.
وهذه المسائل وجدت حقها من العناية عند
الغزالي، بل إن رأيه فيها، مع اشتداد التعصب المذهبي في عصره،وقيام المناظرات بين العلماء
لنصرة مذاهبهم، وانتقال ذلك إلى العامة، وتخاصمهم أحيانا في سبيل ذلك من الغرابة بمكان،
بل لعله الرأي الأمثل الذي يرفع