نام کتاب : النوازل الفقهية و مناهج الفقهاء في التعامل معها نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 44
وهكذا، فإن
التعصب الشديد لأصحاب المذاهب جعل فقهاء كل المذاهب يتنافسون في تكثير سواد
التلاميذ وطلبة العلم على الأسس التي تمسكوا بها، ليتمكنوا من نشر المذهب والحفاظ
على وجوده، وقد استخدموا لأجل هذا صنفين من الناس:
1 ـ الساسة
والحكام: باعتبارهم من أولي الأمر الذين تجب طاعتهم، وبالتالي فإن الوصول إلى
هؤلاء يضمن للمذهب الانتشار الواسع.
وكمثال على
ذلك دولة المرابطين (453-541ه) التي استطاعت أن تطبع المغرب العربي بطابع المذهب
المالكي[1]، في مقابل دولة الموحدين (441-668ه) التي
حاربت التمذهب عامة، واشتدت على خُصومها من المرابطين، فكفّرتهم واستباحت دماءهم[2].
بالإضافة إلى
ما لهؤلاء الحكام من قدرة على بناء المدارس والمساجد التي ترسخ الانتماء المذهبي،
وكمثال على ذلك الملك قطب الدين محمد بن الملك صاحب سنجار الزنكي(ت بعد:594ه) الذي
كان حنفيا مناوئا للشافعية، وقد بنى لأجل هذا مدرسة للحنفية بمدينة سنجار، وجعل
النظر فيها للحنفية، بل اشترط أن يكون بواب
[1] العبر، الذهبي،
حققه صلاح الدين المنجد، ط2، الكويت، مطبعة حكومة الكويت، 1984، ج 4 ص: 60، ومما
رواه في هذا ما حصل للفقيه المالكي محمد بن زرقون (ت 622ه)، ذلك أنه لما أمر
السلطان الموحدي يوسف بن يعقوب بعدم قراءة كُتب الفروع عامة والمالكية خاصة، استمر
ابن زرقون في تدريس الفقه المالكي متحديا لأمر السلطان، فلما ظُفر به يُدرّس الفقه
أُخذ للقتل صبرا (نحو سنة591ه)، ثم سُجن ولم يُقتل، فطال سجنه وأحرقت كتبه (سيّر أعلام
النبلاء، الذهبي، حققه بشار عواد، بيروت، مؤسسة الرسالة ج 22 ص: 311 )
[2] الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى، الناصري احمد بن خالد،
الدار البيضاء، دار الكتاب، ط1، 1997 ج 1 ص: 125.
نام کتاب : النوازل الفقهية و مناهج الفقهاء في التعامل معها نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 44