قال: لقد ورد الاستثناء في الآية معلقا على مشيئة الله،
وقد ورد في النصوص ما يبين أن رب محمد شاء أن يجمع قرآنه وبحفظه.. لقد ورد في
القرآن ما يثبت هذا، لقد جاء فيه:{ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}(القيامة:17)، وورد
فيه:{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ
لَحَافِظُونَ}(الحجر:9)
ألا ترى أن هناك تناقضا لو قلنا بأن محمد نسي بعض ما أوحي
إليه من ربه وهذه الآيات؟
ألا ترى أن هناك تناقضا بين دعوى النسيان، وبين ما ورد من
النصوص التي تخبر بأن محمدا قد كمل دينه وتمت نعمة ربه على أمته، ألم تقرأ تلك
الآية التي لا نجد مثلها في كتبنا:{ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا
تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ
عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً }(المائدة: 3)؟
قلت: وما تقول في الاستثناء؟.. أراك تتهرب منه.
قال: إن من خصائص القرآن الكبرى ربانيته، فهو يدل على
الله في كل آية، بل في كل لفظة، ويعرف بالله في كل محل حتى لا تنتشر الغفلة في
النفوس.
قلت: وما علاقة ذلك بهذا المحل؟
قال: لو ذكر القرآن أن محمدا لن ينسى، ثم لم يستثن بذكر
الله، فقد يتصور من يتصور من أن محمدا لن ينسى، لأن له من الذاكرة ما يجعله كذلك..
ولكن الاستثناء ربط ذاكرة محمد بمشيئة الله وقوة الله.. وهو بذلك يجعل له من المدد
ما يظل يفتقر إليه لو لم يذكر الاستثناء.
ربما لن تفهم ما أقصد الآن.. سأوضح لك أكثر.. لو قال
الاستاذ لتلميذه النجيب الحافظ:( لن تنجح إلا أن أشاء أنا ).. فما نسبة احتمال
نجاح هذا التلميذ النجيب، بعد ما قال له أستاذه هذا؟
قلت: تبقى ثابتة.. سينجح هذا التلميذ لا محالة ما دام
بالصفة التي ذكرت.
قال: ولكن المعلم ذكر أنه لن ينجح إلا بمشيئته.
قلت: ربما يقصد المعلم هنا أن يبين فضله على تلميذه.. وأنا
نجابة تلميذه وحدها لا تكفي