ألا ترى الجور الذي تحمله هذه النصوص على الإناث؟.. ألا
ترى كيف تجعل مدة طهارة المرأة في حال كون المولود أنثى ضعف طهارة كون المولود
ذكرا!؟
لن ترى جميع هذه النصوص في كراستي التي اختصرت فيها الكتاب
المقدس.
سكت قليلا، ثم قال: ناحية أخرى تأثرت فيها بالقرآن كثيرا،
وحاولت أن أطبقها في هذا المختصر الذي وضعته للكتاب المقدس، فلم أطق.
قلت: ما هي؟
قال: لقد رأيت القرآن يعبر عن المعاني الكثيرة جدا بألفاظ
موجزة غاية في البلاغة.. فهو ينتقي الألفاظ كما ينتقي التراكيب.. وكأنه يحرص على
وقت القارئ أو المستمع أن يضيع في فوائد قليلة، فهو يجمعها له جمعا.
انظر مثلا قوله:{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ
اسْتَقَامُوا }(فصلت: 30)، هذه كلمات محدودة.. ولكنها جمعت كل أنواع الفضائل.. فـ
(ربنا الله )جمعت جميع حقائق الإيمان.. و(استقاموا) جمعت جميع حقائق السلوك.
واسمع:{ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ
وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}(يونس:62) لقد أدرج في هذا النص الموجز ذكر إقبال كل محبوب
عليهم، وزوال كل مكروه عنهم، فلا شيء أضر بالإنسان من الحزن والخوف.. لأن الحزن
يتولد من مكروه ماض أو حاضر، والخوف يتولد من مكروه مستقبل، فإذا اجتمعا على امرئ
لم ينتفع بعيشه، بل يتبرم بحياته، والحزن والخوف أقوى أسباب مرض النفس، كما أن
السرور والأمن أقوى أسباب صحتها، فالحزن والخوف موضوعان بإزاء كل محنة وبلية.
والسرور والأمن موضوعان بإزاء كل صحة ونعمة هنية [1].