مُهْتَدُونَ}(الأنعام:82) فالأمن كلمة واحدة تنبئ عن خلوص
سرورهم من الشوائب كلها، لأن الأمن هو السلامة من الخوف، والحزن هو المكروه
الأعظم.. فإذا نالوا الأمن بالإطلاق ارتفع الخوف عنهم، وارتفع بارتفاعه المكروه
وحصل السرور المحبوب.
واسمع:{ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ }(المائدة: 1)، فهما كلمتان جمعتا
ما عقده الله على خلقه لنفسه وتعاقده الناس فيما بينهم.. وبذلك جمعت جميع أنواع
العقود.
واسمع:{ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ
الْأَعْيُنُ }(الزخرف: 71)، فلم يبق مقترح لأحد إلا وقد تضمنته هاتان الكلمتان، مع
ما فيهما من القرب، وشرف اللفظ وحسن الرونق.
واسمع:{ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا
يَنْفَعُ النَّاسَ}(البقرة: 164)، فهذه الكلمات الثلاث الأخيرة تجمع من أصناف
التجارات وأنواع المرافق في ركوب السفن ما لا يبلغه الإحصاء.
واسمع:{ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ }(الحجر: 94)، فهي ثلاث كلمات
فقط، ولكنها اشتملت على شرائط الرسالة وشرائعها وأحكامها وحلالها وحرامها.
واسمع ما ورد في وصف خمر الجنة:{ لا يُصَدَّعُونَ
عَنْهَا وَلا يُنْزِفُونَ} (الواقعة:19)، فهاتان الكلمتان قد أتتا على جميع معايب
الخمر، ولما كان منها ذهاب العقل، وحدوث الصداع، برأ القرآن خمر الجنة منها، وأثبت
طيب النفوس، وقوة الطبع، وحصول الفرح.
واسمع:{ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ
أَرْجُلِهِمْ}(المائدة: 66).. فهو كلام يجمع جميع ما يأكله الناس مما تنبته الأرض.
واسمع:{ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ
}(البقرة: 228)، فهو كلام يتضمن جميع ما يجب على الرجال من حسن معاشرة النساء
وصيانتهن وإزاحة عللهن وبلوغ كل مبلغ فيما يؤدي إلى مصالحهن، وجميع ما يجب على
النساء من طاعة الأزواج وحسن مشاركتهم وطلب مرضاتهم وحفظ غيبتهم وصيانتهم عن
خيانتهم.