بالإضافة إلى هذا الاختلاف نجد تغييرا فى صيغة الفعل:
(نجيناكم) و(أنجاكم)، أحدهما متعد بالتضعييف، والآخر متعد بالهمزة، وأحدهما بضمير
المتكلم، والثانى بضمير الغائب.
بالإضافة إلى اختلاف مهم في الجزء الخاص بالعذاب الذى كان
يوقعه آل فرعون ببنى إسرائيل، ففي الآية الأولى:{ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ
الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ}.. وفي
الثانية:{ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ
أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ}
إن الفارق بين العبارتين لا يعدو حرفا واحدا، هو الواو
التى جاءت فى الآية الثانية قبل كلمة (يذبحون)، ولكن انظر كم أحدث الحرف الواحد من
الاختلاف بين الصورتين:
فى الصورة الأولى ينحصر العذاب فى قتل الأولاد واستحياء
النساء، وفى الثانية يصبح هذا الأمر واحدا فقط من ألوان العذاب التى تصب على بنى
إسرائيل، وإن كان السياق يوحى بأنه من أبرزها، وأشدها وأخبثها. إذ أجمل (سوء
العذاب) وفصل (قتل الأولاد واستحياء النساء)
وهكذا في كل ما يبدو متشابها في القرآن.. إنه مثل تشابه
ثمار الجنة التي ورد وصفها في القرآن في قوله:{ وَبَشِّرِ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا
الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا
أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}(البقرة:25)
فهي متشابهة الشكل متغيرة المعاني.
وهذا التشابه الذى يؤدى إلى التنوع هو ذاته لون من الجمال
والقوة في المعاني القرآنية.
سأضرب لك أمثلة أخرى.. بتغير حرف واحد أو كلمة واحدة أو
تقديم وتأخير يتغير المعنى تماما.. إنه تماما مثل ما نغير إلكترونا من ذرة، فتتغير
الذرة تماما.