التي يهلك الله بها الظالمين، أو ينجي المخلصين.. وهي
بالتالي تعيد الحياة للوقائع، بل تجعل منها مجرد نماذج يمكن أن تتكرر في كل حين.
ومثل ذلك ما ورد في القصة الثانية، والتي اكتنفت بدءا
وانتهاء بهذه الفاصلة.. اسمع للآيات جميعا:{ كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18)
إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ
(19) تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20) فَكَيْفَ
كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (21)}(القمر)
أنت ترى أن تكرار العبارة فى البداية والنهاية يبين مدى
أهميتها، وكأن هذه العبارة هي المقصودة من القصة.
نحن نستعمل ذلك كثيرا.. ألا ترى أن من وضع خريطة يشرحها
لغيره تجده كل حين يقول:( انظر ) ونحوها.
قلت: ذلك صحيح.
قال: فهكذا القرآن يكرر هذا ليخرجنا من النظر المألوف، أو
من الاسترواح لسماع القصص والاستلذاذ بها إلى الانفعال بمواضع العبرة منها.
وهكذا في سائر المواضع.
قلت: لقد ورد تكرار آخر فى سورة القمر.. وهو تكرار قوله:{ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا
الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (القمر:17، وغيرها) حيث ورد فى
السورة أربع مرات.
قال: كما أن التكرار الأول يشير إلى أخذ العبرة من كل قصة
على حدة.. فإن هذا التكرار يشير إلى أخذ العبرة من القرآن جميعا باعتباره قد وضع
في قالب ميسر للذكر..
قلت: وما تقول في التكرار الوارد في سورة المرسلات، فقد
ورد فيها:{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (المرسلات:15،
وغيرها)في مواضع منها؟
قال: إن هذه الفاصلة ترد بعد ذكر حقائق عظيمة، وهي ترهب من
التكذيب بها..