بل قد قد يستعمل القرآن أحيانا
ألفاظا أعجمية عربتها العرب وجعلتها على موازينها..وذلك مثل إستبرق، وسندس، واليم،
فهذه الألفاظ كانت مأنوسة الاستعمال عند العرب حتى قبل نزول القرآن، بل كانت شائعة
شيوعاً ظاهراً فى محادثاتهم اليومية.
وهى مفردات وليست تراكيب، بل هي أسماء مفردة لأشخاص أو
أماكن أو معادن أو آلات.
ثم إنها وإن لم تكن عربية الأصل، فهى ـ بالإجماع ـ عربية
الاستعمال. ومعانيها كانت ـ وما تزال ـ معروفة فى القرآن، وفى الاستعمال العام.
وهذه الظاهرة ليست خاصة بالعربية.. فاستعارة اللغات من
بعضها من سنن المجتمعات البشرية، وهي دليل على حيوية اللغة.
بل نجد هذه الظاهرة فاشية فى العصر الحديث، ويسميها
اللغويون بـ (التقارض) بين اللغات.. تستوي في ذلك اللغات جميعا.. سامية أو غيرها
كالإنجليزية والألمانية والفرنسية وفى اللغة الأسبانية كلمات مستعملة الآن من
اللغة العربية.
أما مااقترضته اللغة العربية من غيرها من اللغات القديمة
أو ما له وجود حتى الآن فقد اهتم به العلماء المسلمون ونصوا عليه كلمة كلمة،
وأسموه بـ (المعرَّب)، مثل كتاب العلامة الجواليقى، وقد يسمونه بـ (الدخيل)
قلت: فكيف يستقيم هذا مع ما نص عليه
القرآن في مواضع متفرقة من أنه أنزل بلسان عربي مبين.. ألم تقرأ فيه:{ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ
قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (يوسف:2).. {وَلَقَدْ نَعْلَمُ
أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ
إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} (النحل:103)..{
وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ
لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) (طـه:113).. {كِتَابٌ
فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (فصلت:3).. {
وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ
أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ
وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً
أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) (فصلت:44).. {إِنَّا جَعَلْنَاهُ
قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)