قلت: فهل ترى أن أذهب لأمتلئ بالقناعة التي تبعدني عن القرآن.. كما امتلأت
بالقناعات التي أبعدتني عن الكتاب المقدس؟
قال: نعم.. إن وجدت مثل هذه القناعة، واقتنعت بها فعلا، فخذ بها.. اذهب،
واعلم بأن البرنامج الذي وضعه الله في عقلك لا يتنافى مع كلام الله الذي توجه به
إلى وجدانك، فكلام الله لا يتناقض مع برنامج الله.
قلت ـ وقد هزني السرور ـ: أتعلم.. لقد كنت منذ طلب مني حضور هذا المؤتمر
متألما كثيرا، لأني أحسست أي سأقوم بدور يتنافى مع دور رجل الدين.. ولكني الآن
شعرت بجمال الدور الذي سأقوم به.. إنه محاولة للتعرف على الحقيقة من مصادرها.
قال: من كل مصادرها.. من كل مصادرها..
قلت: ما تقصد؟
قال: أنت الآن سائر لمصدر من المصادر.. فلذلك لا تغفل عن سائر المصادر.. فقد
يفهم الفاهم من الكلام غير ما يقصد المتكلم.
قلت: صدقت.. ولكن المؤتمر من تنظيم جهة واحدة.. فكيف أصل إلى سائر الجهات؟
قال: اذهب.. وسترى الله الذي أبدع تقدير كل شيء.. سيبدع من المقادير ما يريك
سائر المصادر.
قال ذلك، ثم انصرف.. ولست أدري أين انصرف.
^^^
في اليوم التالي.. وصلت المدينة التي سيقام فيها المؤتمر بصحبة أولئك
العلماء الخبراء.. كانت مدينة جميلة مزهوة بكل التقنيات الحديثة..
عندما تسير فيها تشعر بأنك في مدينة غربية متطورة.. لا علاقة لها بمدن
الشرق.
تعجبت أن تزهو هذه المدينة بكل هذه التقنيات، ومع ذلك يرضى أصحابها بذلك
الجهل