ومن النبوءات الغيبية التي وردت
بها الأسانيد الكثيرة ما أخبر عنه a من
الأحاديث الخفية التي تختزنها النفس في نفسها، أو تسر بها لأقرب الناس إليها:
ومما روي في ذلك إخباره a من قال في نفسه شعرا به، فعن جابر قال:
جاء رجل الى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
فقال: يا رسول الله ان أبي يريد أن يأخذ مالي، فدعا أباه فهبط جبريل، فقال: إن
الشيخ قد قال في نفسه شيئا لم تسمعه أذناه! فقال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (قلت في نفسك شيئا لم تسمعه أذناك؟)
قال: لا يزال يزيدنا الله تعالى بك بصيرة ويقينا، نعم، قال: هات، فأنشأ يقول:
غذوتك مولودا
ومنتك يافعا تعل بما أجني عليك وتنهل
إذا ليلة ضاقتك
بالسقم لم أبت لسقمك الا ساهرا أتململ
تخاف الردى نفسي
عليك وانها لتعلم أن الموت حتم موكل
كأني أنا المطروق
دونك بالذي طرقت به دوني فعيناي تهمل
فلما بلغت السن
والغاية التي اليك مدى ما كنت فيك أؤمل
جعلت جزائي غلطة
وفظاظة كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع
حق مودتي فعلت كما الجار المجاور يفعل
فبكى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وأخذ بتأنيب ابنه وقال: (أنت ومالك
لابيك)[1]
ومن ذلك إخباره a وابصة بن معبد بأنه جاء يسأل عن البر
والاثم، فعن وابصة بن معبد قال: جئت رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وأنا لا أريد أن أدع من البر والاثم
شيئا الا سألته عنه، فأتيته، وهو في عصابة من المسلمين حوله، فجعلت أتخطاهم لأدنو
منه، فانتهرني بعضهم، فقال: اليك يا وابصة عن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم؟ فقلت: إني أحب أن أدنو منه، فقال