رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم فاسأله فجئت، فإذا هو يخطب، فقال: (من
يستعفف، يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله)، فقلت في نفسي: والله لكأنما أردت بهذا..
لا جرم لا أسأله شيئا، فرجعت الى أختي فأخبرتها، فقالت: أحسنت، فلما كان من الغد،
فاني والله لأتعب نفسي تحت الأجم، إذ وجدت من دارهم يهود فابتعنا به، وأكلنا منه
وجاءت الدنيا، فما من أهل بيت من الأنصار أكثر أموالا منا[1].
ومن ذلك إخباره a الانصار بما قالوه في غزوة الفتح، ففي
الحديث: قالت الأنصار يوم فتح مكة: أما الرجل فقد أدركته رغبة في قريته ورأفة
بعشيرته، وكان الوحي إذا جاء لم يخف علينا، فإذا جاء فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول
الله a حتى ينقضي الوحي، فلما رفع
الوحي قال: (يا معشر الانصار، قلتم: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته، ورأفة
بعشيرته، كلا فما أسمي اذن كلا، اني عبد الله ورسوله المحيا محياكم، والممات
مماتكم)، فأقبلوا يبكون، وقالوا والله، ما قلنا الا للضن بالله ورسوله، فقال: (إن
الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم)[2]
ومن ذلك إخباره a نوفل بن الحارث بماله الذي خبأه بجدة،
فعن العباس بن عبد المطلب انه قال: يا رسول الله، اني قد كنت مسلما فقال رسول الله
a: (أعلم باسلامك فإن يكن كما
تقول فالله يجزيك بذلك، فأما ظاهر منك فكان علينا، فافد نفسك وابني أخيك نوفل بن
الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب وحليفك عتبة بن عمرو أخي
بني الحارث بن فهر)، قال: ما أخال ذاك عندي يا رسول الله، فقال a: (فأين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل،
فقلت لها: ان أصبت في سفري فهذا المال
[1] رواه البيهقي، وأخرجه ابن سعد بلفظ: فكان
أول ما واجهني به. وبلفظ: فقلت ما قال هذا القول الا من أجلي وبلفظ: فأتاح الله لي
رزقا ما كنت أحتسبه»