المدينة، حتى إذا حضر أجله وليه
الصحابة وصلّوا عليه، أما إذا مات في مكانه فلا يحضره إلا أعراب جهينة، فأجابهم بهذا
الحديث.
فعن أبي سنان الدؤلي، أنه عاد
علياً في شكوى له شكاها، قال: فقلت له: لقد تخوّفنا عليك يا أمير المؤمنين في
شكواك هذه، فقال: لكني ـ والله ـ ما تخوّفت على نفسي منه، لأني سمعت رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم الصادق المصدوق يقول: (إنك ستُضرب ضربةً
ههنا، ويكون صاحبها أشقاها، كما كان عاقرُ الناقة أشقى ثمود)[1]
وفي حديث آخر قال علي : (إن رسول
الله a عهد إليَّ أني لا أموت حتى
أؤمّر، تخضب هذه ـ يعني: لحيته ـ من هذه ـ يعني: هامته)[2]
وقد ورد هذا عن عدد من
الصحابة،م، كأنس وصهيب وجابر بن سمرة وعمار، ففي رواية عمار قال: كنت أنا وعليٌّ
رفيقين في غزوة ذي العُشيرة، فلما نزلها رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، وأقام بها، رأينا ناساً من بني مدلج،
يعملون في عين لهم في نخل، فقال لي عليٌّ: يا أبا اليقظان، هل لك أن نأتي هؤلاء،
فننظر كيف يعملون؟ فجئناهم، فنظرنا إلى عملهم ساعة، ثم غشينا النوم، فانطلقت أنا
وعليٌّ فاضطجعنا في صورٍ من النخل، في دقعاء من التراب، فنمنا، فوالله ما أهبَّنا
إلا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يحرِّكنا برجله، وقد تترّبنا من
تلك الدَّقعاء، فيومئذ قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم لعليٍّ: (يا أبا تراب) لما يرى عليه من التراب، قال: (ألا أحدثكما
بأشقى الناس رجلين؟) قلنا: بلى يا رسول الله، قال: (أحيمرُ ثمود الذي عقر الناقة،
[1] رواه عبد بن حُميد
والبخاري في تاريخه وابن أبي عاصم والطبراني وأبو يعلى، والحاكم وصححه، وحسنه
الهيثمي.
[2] رواه أحمد والبزار وابن
أبي عاصم وأبو نعيم والحاكم وابن أبي شيبة والحارث، عن فضالة بن أبي فضالة، عن
عليٍّ .