ثم عرفني بنفسه، وأنه (بولس) ـ الذي كان
يتحدث عنه عبد القادر وعبد الحكيم ـ وحدثني، والسرور يهز نفسه، عن الفتوح العظيمة
التي فتحت له في إفريقيا.
لقد كان بولس من خلال كلماته وحركاته
كتلة عجيبة من النشاط قل نظيرها، وكان له من الإخلاص والصدق بقدر ما كان له من النشاط،
فلم يكن يرغب في أي مسؤولية أو وظيفة غير وظيفة التبشير، قال لي: في الحقيقة أنا
لا أصلح لتولي هذه المسؤولية التي أنيطت بي في هذه الكنيسة.. أنا لا أصلح لأن أكون
مسؤولا.. ولذلك فقد سررت كثيرا بمجيئك.. فأنت الذي ستتحمل ما يرتبط بهذه الكنيسة
من مسؤوليات.. أما أنا، فدعني أسير بين الناس أبشر بذلك المخلص الذي فدانا على
خشبة الصليب.
قلت: هل لي أن سير معك، لأتعلم على يديك
فنون التبشير.
قال: إن ذلك يسرني.. سوف أعلمك من أساليب
التبشير في هذه البلاد ما يجعل الناس يتهافتون عليك كما يتهافت الفراش على النار.
ابتسم، وقال: عذرا.. أنا دائما لا أعرف
صياغة التشبيهات.. أقصد.. يتهافتون عليك كما يتهافت النحل على الأزهار.
قلت: من أين لك هذه المقدرة العجيبة؟
قال: لقد اكتسبتها من طول المدة التي
مكثتها في إفريقيا.. تصور.. لقد استطعت عن طريق قصي لحادثة واحدة ـ هي حادثة إحياء
المسيح لبنت يايرس، والتي وردت قصتها في (مرقس 5: 21-43)[1] ـ من إدخال الآلاف المؤلفة رحاب الكنيسة.
قلت: وهل يصدق الناس أنباء الخوارق
بسهولة؟
قال: وهل تتصور أن هناك دينا من غير
خوارق.. الدين لا يثبت إلا بالخوارق.. بل ولا
[1] ستأتي قصتها في فصل (تحديات) مبحث
(الخوارق والألوهية)