وما مضت على هذه الحادثة مدة إلى هذا
اليوم ـ على زعمكم [1] ـ إلا أربعة آلاف وبعض مئات من
السنين، ولا يوجد هذا الحال في تواريخ الهند وكتبهم، وهم ينكرون هذا الأمر إنكاراً
بليغاً، ويستهزئ به علماؤهم كافة، ويقولون: لو قطع النظر عن الزمان السالف، ونظر
إلى زمان كرشن الأوتار، الذي كان قبل هذا اليوم بمقدار أربعة آلاف وتسعمائة وستين
سنة على شهادة كتبهم، لا مجال لصحة هذه الحادثة العامة لأن الأمصار العظيمة
الكثيرة من ذلك العهد إلى هذا الحين مغمورة، وثبت بشهادة تواريخهم أنه يوجد من ذلك
العهد إلى هذا الحين في إقليم الهند ملايين كثيرة في كل زمان من الأزمنة، ويدعون
أن حال زمان كرشن لوجود كثرة التواريخ كحال أمس.
وقد ذكر ابن خلدون ذلك، فقال: (واعلم أن
الفرس والهند لا يعرفون الطوفان وبعض الفرس يقولون كان ببابل فقط)
وقال المقريزي في كتابه (المواعظ
والاعتبار بذكر الخطط والآثار): (الفرس وسائر المجوس والكلدانيون أهل بابل والهند
وأهل الصين وأصناف الأمم المشرقية ينكرون الطوفان، وأقر به بعض الفرس لكنهم قالوا
لم يكن الطوفان بسوى الشام والمغرب، ولم يعم العمران كله ولا غرق إلا بعض الناس،
ولم يجاوز عقبة حلوان، ولا بلغ إلى ممالك المشرق)
هذا حادث من الحوداث الكبرى التي وردت في
الكتاب المقدس، ولكن التاريخ يكذبها، والواقع يكذبها.
هناك حادث آخر، عظيم الأهمية، ومع ذلك لم
يذكر في التاريخ..
إنه ما ورد في (يوشع:10/12-13): (حينئذ
كلم يشوع الرب يوم أسلم الرب الاموريين
[1] وعلى زعم المفسرين والكاتبين في قصص
الأنبياء الناقلين عن اليهود والنصارى، مع ان النصوص القرآنية لم تحدد تاريخا
لذلك، ومع أن النبي a أخبر عن الكذب الواقع في هذا الباب، عندما ذكر كذب
النسابين.