أمام بني إسرائيل وقال أمام عيون
إسرائيل: يا شمس دومي على جبعون، ويا قمر على وادي ايلون فدامت الشمس، ووقف القمر
حتى انتقم الشعب من أعدائه. أليس هذا مكتوبا في سفر ياشر. فوقفت الشمس في كبد
السماء ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل)
وهذه الحادثة عظيمة، وقد كانت ـ على زعمكم
ـ قبل ميلاد المسيح بألف وأربعمائة وخمسين سنة.. فلو وقعت لظهرت على الكل، ولا
يمنع السحاب علمه أيضاً، وهو ظاهر، ولا اختلاف في الآفاق، لأنا لو فرضنا أن بعض
الأمكنة كان فيها الليل في هذا الوقت لأجل الاختلاف، فلا بد أن تظهر لامتداد ليلهم
بقدر أربع وعشرين ساعة.
وهذه الحادثة العظيمة ليست مكتوبة في كتب
تواريخ أهل الهند ولا أهل الصين ولا الفرس، بل إن علماء الهند يجمعون على تكذيبها،
وهم يجزمون بأنها غلط يقيناً.
بالإضافة إلى هذا، فإن هناك اعتراضات
كثيرة عليها:
أما الاعتراض الأول، فقول يوشع: أيتها
الشمس لا تتحركي، وقوله: فوقفت الشمس، يدلان على أن الشمس متحركة والأرض ساكنة،
وإلا كان عليه أن يقول أيتها الأرض لا تتحركي، فوقفت الأرض، وهذا الأمر باطل بحكم
علم الفلك.
أما الاعتراض الثاني، فإن قوله (فوقفت
الشمس في كبد السماء) يدل على أن هذا الوقت كان نصف النهار، وهو غير صحيح لوجوه:
أولها أن بني إسرائيل ـ على حسب الكتاب
المقدس ـ كانوا قد قتلوا من المخالفين ألوفاً وهزموهم، ولما هربوا أمطر الرب عليهم
حجارة كباراً من السماء، وكان الذين ماتوا بالحجارة أكثرمن الذين قتلهم بنو
إسرائيل، وهذه الأمور حصلت قبل نصف النهار على ما هو مصرح به في الباب، فلا وجه
لاضطراب يوشع في هذا الوقت، لأن المظفرين من بني إسرائيل كانوا كثيرين جداً،
والباقون من المخالفين قليلين جداً، وكان الباقي من النهار مقدار النصف، فقتلهم
قبل الغروب كان في غاية السهولة.