إن هذه العقيدة التي تنسجم مع العدل
والرحمة هي العقيدة التي جاء بها القرآن الكريم، فالله لا يعاقب إلا من استحق
العقوبة بسبب الجرائم التي ارتكبها، والله القادر على المعاقبة قادر كذلك على
التجاوز والمغفرة من دون أن يحتاج إلى أي وساطة.
قام مستأجر بولس، وقال: دعنا من هذا
الحديث، وحدثنا عما تزعمه من تكريمات، فلا أراك تذكر ما تذكر إلا لتفر منها.
عبد القادر: لا.. كل ما ذكرته يصب في
هذه التكريمات، بل يصب في تكريمات المسيح u، فنحن نعتقد أن فكرة الاستعاضة أو التضحية النيابية فكرة غير منطقية
عقلا، وغير مقبولة نصا.. بالإضافة إلى أنه لا معنى لها، وهي أشبه ما تكون بطبيب
يحطم رأسه ليشفي صداع المرضى لديه، فهل يغني ذلك عن مرضاه شيئا؟
ضحك الجمع، فقال: إن مبدأ الكفارة أو
التضحية تجعل الأقنوم الأول في الثالوث المقدس المكذوب متعطشا لسفك الدم من أجل
إظهار التضحية بالذات محبة للأقنوم الثاني.
لقد عقب آرثر ويجال على
مبدأ الكفارة كما يؤمن بها حضرة القس، فقال: (نحن لا نقدر أن نقبل المبدأ اللاهوتي
الذي من أجل بعض البواعث الغامضة أوجب تضحية استرضائية، إن هذا انتهاك إما
لتصوراتنا عن الله بأنه الكلي القدرة وإلا ما نتصوره عنه ككلي المحبة، إن الدكتور
كرودن الشهير يعتقد أنه من أجل مآرب لهذه التضحية فإن يسوع المسيح قاسى أشد العذاب
أوقعها الله قصاصا عليه، وهذا بالطبع وجهة نظر يتقزز منها العقل العصري، والتي قد
تكون شرطا لعقيدة بشعة ليست منفصلة عن ميول التلذذ بالقسوة للطبيعة البشرية
البدائية، وفي الواقع إن هذه العقيدة دخيلة من مصدر وثني وهي حقا من آثار الوثنية[1] في الإيمان.
إن المنهج المسيحي للخلاص ليس فقط لا
أخلاقيا ولا منطقيا ومعتلا، بل أيضا لا سند
[1] انظر التأثيرات الوثنية في المسيحية
في رسالة (الباحثون عن الله) من هذه السلسلة.