قال: لقد قلت لك: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌO (البقرة:115)
قلت: وما علاقة ذلك بهذا؟.. إن ما قرأته يتحدث عن الله.
قال: وهل هناك أحد يمكن أن يتشرف القلب ويتقدس بمحبته غير الله؟
قلت: الله يعبد.
قال: أعظم عبودية توجه لله هي محبته.. فلا خير في الحركات التي لا تصحبها المحبة.. إنها لا تكاد تختلف عن النفاق والرياء والخداع.
قلت: لقد جربت الحب، وذقت من آلامه ما رماني في هذه المقبرة.. ولولا تلك الأبيات التي سمعتها منك لكنت الآن في الموتى.
قال: ذلك هو الحب المدنس.. إنه لا يرميك إلا للمقابر أو مارستانات المجانين.. لأنه حب يبدأ بالصراع، وينتهي بالصراع.
قلت: الصراع!؟
قال: أجل.. كل محب يريد أن يستولي على قلب محبوبه، ويستأثر به.. فإذا ظفر به سامه من ألوان العذاب ما لعلك رأيت بعضه.
قلت: وهل هناك حب مقدس؟
قال: أجل.. وهو حب واحد.
قلت: حب من؟
قال: حب الواحد.. فحب كل ما عداه داء وألم..
قلت: إني أشعر بجمال ما تقول.. لكن ذهني لا يزال كليلا دون فهمه.
قال: يحق لك أن لا تفهم هذا.. فمن الصعب على من ارتمى في دنس الأدناس أن يترقى إلى قدس الأقداس.