قالت لها صاحبتها، وهي تحاورها: كفي عن غرورك يا أختي.. فالعين مهما قدرت على الرؤية، فهي مخلوق عاجز خلق الله له مجالا محدودا لا يمكنها أن تجاوزه.
قالت: أنت تقولين ذلك لما ترين من ضعف بصرك.. ولو أن بصرك كان أقوى ما قلت هذا.
ابتسمت صاحبتها، وقالت: لاشك أنك لم تخفظي الدروس التي لقنها لنا أساتذتنا في هذه الكلية.
قالت زرقاء: أي درس منها؟
قالت صاحبتها: درس (ضعف المدارك الحسية)
قالت زرقاء: لقد درست عظمة هذه المدارك التي من الله بها علينا.. فلم أحتج لإدراك ضعفها.. فلا يمكنني أن أحمد الله على الضعف.
قالت صاحبتها: ولا يمكنك أن تستفيدي من شيء، وأنت لا تعرفين ضعفه.
قالت زرقاء: كيف ذلك؟
قالت صاحبتها: لأنك قد تقعين في فخاخ الجهل التي ينصبها لك ضعفه.
قالت زرقاء: فلنفرض أني سلمت لك بما ذكرت.. فاذكري لي من ضعف بصري ما يكفني عن الاغترار به.
قالت: سأذكر لك سبعا من أنواع النقصان التي لقننا إياها علماؤنا وأساتذتنا ليحفظوا بها عقولنا من أن تقع ضحية لأخطاء مداركنا الحسية.
قالت زرقاء: فما هي؟
قالت[1]: لقد قال الغزالي، وهو يلقننا ضعف حاسة البصر مقارنة بالعقل: (اعلموا أن نور
[1] ما نذكره هنا مستفاد بتصرف من رسالة (مشكاة الأنوار) لأبي حامد الغزالي.