قلنا: نعرف تاريخ الاستعمار..
فما جرائمه التي تدينه من أجلها؟
قال: كثيرة.. الاستعلاء لا
يولد إلا الخبث.. وقد كان المستعمرون ممتلئون إلى أذقانهم كبرا واستعلاء.. ولهذا
راحوا يفرضون أسلوب حياتهم على المستعمرات، فقد كانوا يؤمنون بتدنّي مستوى ثقافة
المناطق المُستعمَرة قياسًا إلى ثقافتهم.. بل حاول بعض هؤلاء الحكام أن يُغيّروا
من ديانة المناطق التي يَستعمِرونها، كما عَمَدوا إلى جعل لغتهم الأجنبية اللغة
الرسمية في تلك المستعمرات. وفي عدد من الحالات، حاول الحكام المستعمرون أن يحلوا
ثقافتهم الخاصة محلَّ الثقافة المحلية.
أما السياسة الاقتصادية التي
مارسها الاستعمار، فقد كانت ممتلئة بالجشع.. ففيما بين القرنين الخامس عشر والثامن
عشر الميلاديين، ظهر نظام اقتصادي في أوروبا يُدعى المركنتالية (أي النزعة
التجارية).. وفي ظلِّ هذا النظام، قامت القوى الأوروبية بتشكيل اقتصاد المناطق
المستعمرة حسب حاجاتها التجارية.. فعلى سبيل المثال، سنَّت بريطانيا عددًا من
القوانين في القرن السابع عشر لتقوية سيطرتها على اقتصاد مستعمراتها الثلاث عشرة
في أمريكا الشمالية. وقد كان بعض هذه القوانين يحصر التجارة بين المستعمرات
البريطانية مع التجار البريطانيين فقط،كما كانت تشترط استخدام سفنٍ بريطانية فقط.
أما القوانين الأخرى، فقد قلّصت من الصناعة في المستعمرات لأنَّ البريطانيين كانوا
يريدون أن تعتمد المستعمرات على السلع المصنَّعة في بريطانيا. ولتشجيع الأمريكيين
على تصدير السلع التي تحتاج إليها بريطانيا، عمد البريطانيون إلى إعطاء امتيازات
تجارية لهذه الصادرات للتجار الأمريكيين. وقد أدارت القوى الأوروبية الأخرى
تجارتها بالطريقة نفسها.
قلنا: لقد ذكرت أن الاستعمار
كان وليدا لتلك القراءات التي سمعتها من الكاهن؟
قال: أجل.. لقد كانت تلك
القراءات سر كل أنواع البلادء.. لقد امتزجت تلك النصوص مع ما امتلأت به نفوسنا من
صراع وأحقاد لنملأ العالم بكل أنواع البلاء.