ومنها أن يكون قاصداً إزهاق روح المجني عليه، فإن كان
مخطئاً، فلا قصاص عليه، لقول النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم : (
العمد قود إلا أن يعفو ولي المقتول)[1]، أي القتل العمد يوجب القود،
فالحديث شرط العمد لوجوب القود.
ومنها أن لا توجد أي شبهة في عدم إرادة القتل؛ لأن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم شرط العمد مطلقاً.
ومن الرحمة فيه أنها أجازت لأولياء القتيل العفو عن القاتل..
بل رغبتهم في ذلك بإعطائهم الدية عوضا على عفوهم.. بل زادت في ذلك فاكتفت في حال
تعدد الأولياء بعفو أحدهم.. ولكنها مع ذلك حمت الحق العام، فأجازت للسلطان أن
يعاقب الجاني من العقوبات التعزيرية ما يكف به شره عن الناس.
ومن الرحمة أنها أجازت للقتيل أن يعفو عن قاتله.. بل رغبت في
ذلك كما قال تعالى :﴿ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ
)(المائدة: 45)، أي المقتول يتصدق بدمه، في حال إصابته قبل موته.
ومن الرحمة أنها أجازت الصلح على القصاص، وأسقطت به القصاص،
سواء أكان الصلح بأكثر من الدية أم بمثلها أم بأقل منها.. وسوت في ذلك بين أن تكون
الدية حالة أم مؤجلة.. ومن جنس الدية، ومن خلاف جنسها بشرط قبول الجاني.. كما قال
تعالى :﴿ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾ (النساء: 128)، وقال النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم : ( الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً
أحل حراماً أو حرم حلالاً)[2]
وقال a
يذكر الخيارات التي أعطتها الشريعة لأولياء المقتول : ( من قَتَل عمداً، دفع إلى
أولياء المقتول، فإن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا أخذوا الدية: ثلاثين حقة، وثلاثين
جذعة، وأربعين
[1] رواه ابن أبي شيبة وإسحاق
بن راهويه في مسنديهما.
[2] رواه أبو داود والترمذي
وابن ماجه والحاكم وابن حبان وصححه.