المسؤولية عن إطعام المسكين مثلا.. قد تبدو في الظاهر من
اختصاص الأغنياء.. ولكن القرآن الكريم لا يعتبر البخل على المسكين وحده جريمة.. بل
يعتبر السكوت عن حض الأغنياء على إعطاء المساكين جريمة.. وبهذا لا يعذر أحد من
الناس فقيرا كان أو غنيا عاجزا كان أو قويا.
اسمعوا إلى هذه الآيات الكريمة التي تهدد وتتوعد من يرى
مسكين، ثم لا يسعى له بكل الوسائل ليوفر له ما يسد رمقه، قال تعالى :﴿
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ
كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ
الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ
(29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي
سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كَانَ لَا
يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ
(34) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ
(36) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (37) ﴾ (الحاقة)
انظروا كيف قرنت هذه الآيات الكريمة الاهتمام بالمستضعفين
بالإيمان برب العالمين.. وكأنها تقول لنا: لا يمكن لأحد يؤمن بالله، ويعظم الله،
أن يكون قلبه قاسيا إلى الدرجة التي يضيع فيها المساكين.
في آية أخرى نلاحظ هذا، نلاحظ اقتران التقصير في عبادة الله
بالتقصير في حقوق المساكين، قال تعالى:﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ
رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ
(40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ
مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ
مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى
أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) ﴾(المدثر)
بل إن سورة من القرآن الكريم خصصت لوصف المكذبين بالدين.. لا
تصفهم بأنهم