ينكرون وجود الله، أو ينكرون أسماءه الحسنى، أو ينكرون ما
أمروا به من عبادات.. وإنما تصفهم بتلك القسوة التي تحول بينهم وبين تحقيق العدل
في الحياة، قال تعالى :﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1)
فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ
الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ
سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ
(7)﴾ (الماعون)
قال رجل من الجمع: حدثنا عن نفسك، قبل أن تحدثنا عما تدعو
إليه.. فمن أنت؟
قال: لا يهمكم من هو أنا.. لقد محوت ذاتي وأهوائي في الرسالة
العظيمة التي شرفت بتحملها، فلم يبق من هم لي في الحياة إلا بالدعوة إليها
والتضحية في سبيلها.
قال الرجل: فلم حطك أهلك بتسميتك حطيطا؟
قال: لم يختر أهلي هذا الاسم.. أنا الذي اخترته لنفسي.. لقد
كان اسمي في البدء بلعم[1].. لعلكم تعرفونه.. إنه ذلك
العالم الذي باع علمه بثمن بخس ليرضي أهواءه.. لقد ذكره الله تعالى فقال :﴿
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا
فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا
لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ
فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ
يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ
الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)﴾ (الأعراف)
وعندما شببت رأيت كثيرا من البلعميات[2] سواء في بلاد المسلمين أو في
غير بلاد المسلمين.. رأيتهم يتمسحون بأحذية السلاطين، وفي نفس الوقت يركلون
بأقدامهم تلك
[1] هو اسم الرجل المذكور في
قوله تعالى :﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا
فَانْسَلَخَ مِنْهَا ﴾ (الأعراف:175)على حسب ما ذكر عبد الله بن مسعود،
وابن عباس وغيرهما.
[2]البلعميات في الأصل: نوع من
كريات الدم البيضاء القادرة على التهام العناصر الغريبة.. ولا يخفى وجه الاستعارة
في هذا.