بعد أن التفت جموع السجناء بالنّفس الزّكيّة نظر إليهم نظرة
ملؤها الحنان، وقال: لقد حدثكم صاحبي عن المساواة.. وأنا لا أجد إلا أن أحدثكم عن
التنوع.. فلا يمكن لشريعة أن تحفظ العدل وهي لا تحترم التنوع الذي أودعه الله في خلقه.
لقد عبر رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم عن هذا الركن من أركان العدالة، فقال :( أنزلوا الناس منازلهم)[1]
وعبر عنه، فقال:(ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا)
[2]
وروي في تطبيق هذا أن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم دخل بيتا من بيوته، فدخل عليه أصحابه
حتى امتلأ المجلس، فجاء جرير بن عبد الله البجلي، فلم يجد مكانا فقعد على الباب
فلف رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم رداءه وقدمه إليه ليجلس عليه،
وقال له:( اجلس على هذا)، فأخذ جرير الرداء، ووضعه على وجهه، وجعل يقبله ويبكي،
متأثرا من إكرام النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم له،
ثم لفه ورده إلى النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم
شاكرا مقدرا، وقال: ما كنت لأجلس على ثوبك يا رسول الله، أكرمك الله يا رسول الله
كما أكرمتني، فنظر المصطفى a
يمينا وشمالا ثم قال : (إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه)[3]
وعبر عنه عندما أمر بالتجاوز عن عثرات أهل الفضل وذوي
الهيئات، وتَقبُّل أعذارهم للحفاظ على منزلتهم وشأنهم إلا في حدود الله عز وجل وحقوق
الناس، فقال :( أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود)[4]
وروي في تطبيقه وصيته a بالأنصار الذين حازوا الخير والفضل كله
بإيوائهم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم