الله..
وأنا الآن ممتلئ سرورا لأني سأستشهد في سبيلها كما استشهد خبيب وإخوانه من
الصادقين من أهل الله.
الربانية
قلنا: فحدثنا عن الركن الأول.
نظر إلى السماء، وقال: الغريق الذي أحاطت به المياه من كل
جانب.. ولم تبق له أي قوة يصارع بها تلك التيارات العنيفة التي تريد أن تصرعه..
ولم تبق له أي قوة يستطيع أن يصارع بها تلك الحيوانات المتوحشة التي تريد أن
تلتهمه.. ثم جاءته سفينة ومدت حبالها إليه.. تريد أن تنقذه.. هل ترون من الحكمة أن
يرفض مد يده لحبال النجاة التي مدت إليه؟
قلنا: مجنون إن فعل ذلك.
قال: فالبشرية ـ إذن ـ كلها مجنونة.
قلنا: وما علاقة هذا بذاك؟
قال: إن البحر العميق الذي تسبح فيه البشرية.. والشياطين
الكثيرة التي تريد أن تمسخ طبيعة البشرية لا يشبهها شيء كما يشبهها ذلك البحر،
وذلك الغريق.
قلنا: فما الحبال؟
قال: إن الرب الرحيم الذي خلق هذا الكون، ولم يغفل عن الدقيق
والجليل فيه، مد حبالا كثيرة للبشرية لينقذها بها من نفوسها التي تصارعها.. ومن
الشياطين التي تريد أن تلتهمها.
ولكن البشرية مع ذلك ترضى بأن تبقى في ذلك الصراع المميت،
ولا ترضى بأن تمد يدها لحبال النجاة التي مدت إليها.
قلنا: أي حبال؟
قال: حبال الشريعة.. فالبشرية لا ينقذها إلا ربها الذي هو
أعلم بطباعها، وأعلم بالشياطين