كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار
جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف
سنة، حتى يقضى بين العباد)[1]
قال رجل منا: كيف تقول هذا عن الزكاة، وهي ليست سوى ضريبة من
الضرائب التي لا تزال الدول تفرضها على رعاياها رضوا أم كرهوا.. بل كانت الدولة
الرومانية وغيرها من الدول تفرضها على رعاياها، فأي جديد جاء به الإسلام في هذا
الباب؟
ابتسم حجر، وقال: شتان ما بينهما.. شتان ما بين الزكاة التي
هي ركن من أركان الإسلام، وبين تلك الإتاوات الثقيلة التي كان ولا يزال يفرضها
المستبدون على الرعايا، ثم يصرفون ما شاءوا منها في اللهو والترف.
قال الرجل: كيف تقول هذا والضريبة والزكاة يتفقان في كونهما
فريضة إلزامية، يلتزم الممول بأدائها إلي الدولة، تبعًا لمقدرته علي الدفع، بغض
النظر عن المنافع التي تعود عليه من وراء الخدمات التي تؤديها السلطات العامة،
وتستخدم حصيلتها في تغطية النفقات العامة من ناحية، وتحقيق بعض الأهداف الاقتصادية
والاجتماعية والسياسة وغيرها من الأغراض التي تنشد الدولة تحقيقها من ناحية أخرى.
قال حجر: لكن الزكاة حق مقدر فرضه الله في أموال المسلمين
لمن سماهم في كتابه من الفقراء والمساكين وسائر المستحقين، شكرًا لنعمته تعالى،
وتقربًا إليه، وتزكية للنفس والمال.
قهقه الرجل، وقال: بغض النظر عن الشاعرية التي عرفت بها
الزكاة فهي لا تعدو أن تكون ضريبة من الضرائب.. سأبين لك ذلك..
انظر.. إن عنصر القسر والإلزام الذي لا تتحقق الضريبة إلا
به، موجود في الزكاة إذا تأخر المسلم عن أدائها بدافع الإيمان، ومقتضى الإسلام،
وأي قسر وإلزام أكثر من أخذها بقوة